للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثامن: في ذكر شيءٍ مما رثي به من الأشعار وما ورد في ذلك من الآثار

وقد رثي رسول الله بأشعار كثيرة فنقتصر على شيءٍ منها، [وقد ذكر ابن إسحاق والواقدي طرفًا من ذلك فقالا: وقال أبو بكر يرثي رسول الله ويبكيه (١): [من الكامل]

لمَّا رأيتُ نبيَّنا مُتَجدِّلًا … ضاقَت عليَّ بعَرْضِهنَّ الدُّورُ

فارْتعتُ روعةَ مُستهامٍ والهٍ … والعظمُ منِّي وَاهِنُ مكسورُ

أعتيقُ ويحكَ إنَّ حِبَّك قد ثَوى … وبقيتَ مُنجدِلًا وأَنتَ حَسيرُ

يا ليتني من قبلِ مهلك صاحبي … غُيِّبتُ في جَدَث عليّ صخورُ

فلتحدثن بدائعٌ من بعدهِ … تَعيا بهنَّ جوانحٌ وصدورُ

قال ابن إسحاق: وقال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب هذه الأبيات (٢): [من الوافر]

أرقتُ وباتَ ليلي لا يزولُ … وليلُ أخي المحبَّةِ فيه طولُ

وأسعَدَني البكاءُ وذاك فيما … أصيبَ المسلمونَ به قليلُ

فقد عظُمَت مصيبتُنا وجلَّت … عشيَّةَ قيل: قد قُبضَ الرسولُ

فأضْحَت أرضُنا ممَّا عَرَاها … تكادُ بها جوانبُها تميلُ

فَقَدنا الوحيَ والتنزيلَ فينا … يروحُ به ويَغدو جبرئيلُ

وذاكَ أحقُّ ما سالَت عليه … نفوسُ الناسِ أو كادت تسيلُ

نبيٌّ كان يَجلو الشكَّ عنَّا … بما يُوحَى إليه وما يقولُ

ويهدينا فلا نَخشى ضلالًا … علينا والرسولُ لنا دليلُ

أُصبْنَا بالنبيِّ وقد رُزينا … مصيبتَهُ فمَحمَلُها ثقيلُ


(١) الأبيات في "الطبقات" ٢/ ٢٧٨، و"نهاية الأرب" ١٨/ ٤٠٠.
(٢) الأبيات في "الروض الأنف" ٢/ ٣٧٩ - ٣٨٠، و"البداية والنهاية" ٥/ ٢٨٢. وانظر "سير أعلام النبلاء" ١/ ٢٠٥.