وكانت وفاته ببغداد، حدث عن الأنباري وغيره، وروى عنه التنوخي وغيرُه، وكان ثقة.
[السنة الحادية والتسعون وثلاث مئة]
وفيها جلس القادرُ للحاجِّ الخُراسانية في داره في أُبهةِ الخلافة، ودخل عليه القضاة والأشراف والعدول والأعيان وأهلُ خراسان العائدون من الحج، وأعلَمَهم أنه قد جعل الأمر في ولده أبي الفضل، ولقَّبه الغالبَ بالله، وكان له ثمانُ سنين وأربعةُ أشهر وأيام، وكتب إلى البلاد بأن يخطب له بعد أبيه، فيقال: وبلغه الأمل في ولده أبي الفضل الغالبِ بالله وفي عهد المسلمين، اللهم ثبتْ دولتَه وشعارَه، وانْصُرْ أولياءَه وأنصارَه.
وكان السبب في هذه العجلة -مع صِغَر سنِّه- أن عبد الله بن عثمان الواثقي من ولد الواثق كان أحدَ شهود بغداد، وكانت إليه الخطابة، جرى بينه وبين القاضي التنوخي قصةٌ استوحشَ منها، فقيل له: لو دارَيتَه واستصلحتَه. فقال: أنا مُفكِّرٌ كيف أُريد أن أُطفئ شمع هذا الملك واخذه، ويُقال لي: استصلِحِ التنوخيَّ! وخرج إلى خُراسان، واستغوى بعض الملوك، وافتعل كتابًا على لسان القادر أنه قد ولَّاه العهد، فخطب له بعد القادر، وبلغ القادرَ فانزعج، [وعهد إلى ولده أبي الفضل، وأثبت فِسقَ الواثقي وكَذِبَه، فمضى إلى فارس، وكتب القادر](١) بتتبُّعِه، فقصد خُوارَزم، وقصد بعضَ الملوك، فرقاه إلى قلعةٍ، فأقام بها موسعا عليه محروسًا حتى مات بها، وكان صاحب القلعة محمود بن سُبُكْتَكين.
وفي الساعة الثالثة من يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة وُلدَ الأميرُ أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله وهو القائم بأمر الله.
[وفيها] حجَّ بالناس أبو الحارث، محمد بن محمد بن عمر العلوي.
(١) ما بين حاصرتين أثبت من (ب)، وهو موافق لمعنى ما جاء في المنتظم ١٥/ ٢٦، والخبر فيه، وكذلك الأخبار الآتية من هذه السنة. قلت: وجاء في (خ) عوضًا عما أُثبت ما نصه: وبعث إلى ولده القادر!