للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومزَّق قميصَه، وأخذوا عمامتَه، وجاؤوا بسارقة (١) قُطِعَتْ من سُرادق، فقال: ما أنا بعيَّارٍ ولا لِصٍّ فأُخنَق، والسيف أروَحُ لي، وهو أمحى للذنوب، ومن قُتِلَ به فهو شهيد.

فشدُّوا عينيه بخرقة من طرف كمِّه وضربوا رأسه فطار، فأخذوا رأسه فتركوه في مِخْلاةٍ (٢)، وحملوه إلى السلطان، وسألت أختُه أن تُسلَّم إليها جُثَّتُه فسُلِّمتْ إليها، فحملتها إلى كُنْدُر، فدفنتها عند أهله وابنه، وأبوه مات مقتولًا، وكان ألب أرسلان بكرمان، فحمل إليه الرأس، وبعثت أختُه تستقصي عن الرأس، فقيل لها: أُلقي في بئر. و [قال ابن الصابئ]: لمَّا قُتِلَ صَعِد عبد الرزاق ليلًا فغسَّله وكفَّنه بقميص دبيقي كان القائم أعطاه إياه من ملابسه، مع قطعة من بُردة النبي ، ولفَّه فيها، وأنزله إلى مقبرة البلد فدفنه فيها، وكانت سنُّه نيفًا وأربعين سنة، وكان الذي وضع الحاشية على أن يسيروا بقتله نظامُ الملك، والعجبُ بأنَّ ألب أرسلان ونظام الملك ماتا مقتولَين (٣).

[السنة الثامنة والخمسون والأربع مئة]

فيها في يوم عاشوراء أغلق أهلُ الكَرْخ دكاكينهم، وعلَّقوا المسوح على ما كانت عادتُهم جاريةً به في القديم، فثار أهلُ تلك المحالِّ، وجاؤوا إلى دار الخليفة واستطالوا، فخرج الأمر (٤) إلى المُعمَّرِ نقيبِ النقباء بإنكار ذلك، فقال: ما علمتُ. وحبس جماعةً أيامًا ثم أطلقهم، وقال القائم: هذا شيء قد كان فلا تُعاودوا إليه.

وفيه ورد الخبر أنَّ السلطان انفصل عن مرو إلى خُوارَزم، ومعه تاج الملوك أبو كاليجار هزارسب عاملُ الأهواز، وأنه طُولِبَ بالأموال التي عليه من ضمان البصرة وخوزستان وأَرَّجان منذ وفاة طُغْرُلْبَك مدة ثلاث سنين وهي ألف ألف دينار، فطلب العَوْدَ إلى بلاده ليجمع المال، فقيل: لو أسرعتَ في حمل المال لأسرعنا إلى إطلاقك، فلا بُدَّ من المقام على الباب حتى يُحمل المال، وكان السلطان مُبطنًا سوءَ


(١) السارقة: الغُلّ. المعجم الوسيط (سرق).
(٢) من الخَلى: هو الحشيش الذي يُحتشُّ من بقول الربيع، وبه سُمِّيت المخلاةُ. اللسان (خلا).
(٣) تنظر مصادر ترجمة محمد بن منصور الكندري في السير ١٨/ ١١٣.
(٤) في (خ): الأمراء، والمثبت من (ف) و (م) و (م ١).