للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطيب: وكان الشَّرمقاني] يقرأ على ابن العلَّاف، و [كان] يأوي إلى مسجد بدرب الزعفران غربي بغداد، فاتَّفق أنَّ ابن العلّاف خرج يومًا يتوضأ على دجلة، وكان زمان مجاعة، فرأى الشَّرْمَقانيَّ يأخذ ما يرمي به أصحابُ الخسِّ من الورق فيأكلُه، فشقَّ عليه، وكان ابن العلّاف ينبسط إلى [أبي القاسم] رئيس الرؤساء الوزير، فأخبره بحاله، فقال: نبعث له شيئًا. قال: ما يقبل. فقال: نتحيَّل فيه. فقال لغلام له: اذهَبْ إلى مسجد الشَّرْمَقاني، واعمل لغَلَقِه مفتاحًا من حيث لا يشعر. ففعل الغلام، فقال له: احمِلْ في كل يوم ثلاثةَ أرطال خبز ودجاجةً مشوية وقطعةَ حلوى بسُكَّر. فكان الغلام يرصده، فإذا خرج من المسجد فتح الباب وترك ذلك في القبلة، وكان الشَّرْمَقاني يتعجَّب ويقول: المفتاح معي، وما هذا إلا من الجنة. فسكتَ ولم يُخِبرْ أحدًا خوفًا أن ينقطع، فأخصب جسمُه وسمِنَ، فقال له ابن العلَّاف: قد سَمِنْتَ [وحَسُنَ حالك] فأيش تأكل؟ فأنشده يقول: [من البسيط]

مَنْ أطلعوه على سرٍّ فباحَ به … لم يأمنوه على الأسرار ما عاشا

وأخذ يُورِّي ولم يُصرِّح، [ويُكني ولا يُفصح]، فلم يزَلْ به حتى أخبره وقال: هذه كرامة لي، يبعثها اللهُ لي كلَّ يوم من الجنة، كذا وكذا. قال: من أين لك ذلك؟ قال: لأنَّ الباب مغلق، والمفتاح معي. فقال: ينبغي أن تدعو للوزير [ابن المُسلمة] ففهم، وانكسر قلبُه، وتنغَّص عيشُه، وتوفِّي عقيب ذلك اليوم السابع [سمع ابن شاهين وغيره، وكتب عنه الخطيب وغيرُه.

وفيها تُوفِّي]

أبو البركات، عَقيل بن العباس (١)

ابن الحسن بن أبي الجِنّ الحسين بن علي، وُلِدَ بدمشق سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة، وولي نقابة العلويين بها، وكان جوادًا سمحًا، توفي بطرابلس، وحُمِلَ إلى دمشق ودُفِنَ بها، رحمه الله تعالى. [قال ابن عساكر: حدَّث عن عبد الله بن أبي كامل وغيرِه، وروى عنه أبو القاسم النسيب شيخ الحافظ ابن عساكر].


(١) تاريخ دمشق ٤١/ ٢٥ - ٢٦.