للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باردًا وما كان فنَّه، وأضاف التصوُّفَ إلى أبي بكر وعمر والصحابة ، وإلى سفيان الثوري ومالك والشافعي، رحمة الله عليهم أجمعين.

ثم إنه ذمَّ الصوفية فقال في ترجمة الشافعي: قال الشافعي: التصوُّف مبنيٌّ على الكسل، ولو تصوَّفَ رجلٌ أولَ النهار لم يأتِ الظُّهرَ إلا وهو أحمق.

[وفيها تُوفِّي]

الحسن بن الحسين (١)

أبو علي، الرُّخَّجي، الوزير، وزر لمشرِّف (٢) الدولة [أبي علي بن بهاء الدولة] سنتين، ثم عُزِلَ، وكان في زمان عطلته عظيمَ الجاه، وتوفي [في هذه السنة] وقد قارب الثمانين، وقيل له: إن واسطًا خاليةٌ عن مارستان [وهي مصر من الأمصار الكبار]. فبنى بها مارستانًا، وأنفق عليه أموالًا عظيمة، ووقف عليه الضِّياع، وهو الَّذي تولَّى إثارة أموال فخر الملك أبي غالب (٣) من غير عسفٍ، ولا ضربَ أحدًا بعصا، واستخرجها بألطف الوجوه، وسببه أنَّه وقع بجريدة بخطِّ فخر الملك، وقد أودع الأموال عند جماعة، وكنَّى عن ألقابهم وغيَّر أسماءهم، فكان فيها عند الكَوْسج اللِّحياني كذا وكذا ألف دينار، وعند بُسرة بقُمْعِها كذا وكذا ألف دينار، فلم يعرِفْ من هذين، فدخل عليه رجل كان يأنس بفخر الملك متظلِّمًا من جارٍ له، فقال: يا مولانا، قد كان فخر الملك يُحبُّني ويُطلِعُني على أسراره، ويُلقِّبني بالكوسج اللِّحياني. فقال له: تعال أحضرِ العشرين ألف دينار التي عندك وديعةً. فأنكر، فأمر بتقريره، فحملها بختومها، ثم فكَّر في بُسرة بقُمعِها، وكان هلال بن المحسن الصابئ المؤرِّخ كاتبًا لفخر الملك، فأخذ الباءَ من الصابئ والسينَ من المحسن، فاستدعاه وخاطبه سرًّا في مالِ فخر الملك، فاعترف وقال: عندي منه شيء. فقال له الرُّخَّجي: قُمْ أيُّها الرئيس آمنًا، ولا تُظْهِرْ هذا الحديث لأحد، وأنفقِ المال على نفسك وولدك. ثم دخل هلالٌ بعد ذلك على أبي سعد بن عبد الرَّحيم في أيام وزارته، فقال له: قد علمتُ ما دارَ بينك وبين الرُّخَجي،


(١) المنتظم ١٥/ ٢٦٩ - ٢٧٠.
(٢) في (م ١) وحدها: لشرف، والصواب ما أثبتُّه من باقي النسخ ومن المصادر.
(٣) في (ف): أبي كاليجار، والمثبت من (م)، وهو الموافق لما في المنتظم ١٥/ ٢٦٩.