للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها صُرِف القاضي أبو عبد الله الضبِّي من القضاء، وخوطب في الموكب بما يكره من القبيح، وسببه أنَّه استشهد مَنْ لا يَصْلُح، فعزَّ على القادر، فعزله، ومنَعَ من السلام عليه، فانحدر إلى البصرة، وولي الأكفانيُّ [القضاء].

وفيها خرج الحاجُّ من بغداد، فلمَّا كانوا بالثعلبية هبَّت عليهم ريحٌ سوداء، أظلمت منها الدنيا، حتى لم يَرَ بعضُهم بعضًا، وأصابهم عطشٌ شديدٌ، واعتاقهم ابنُ الجرَّاح الطائي على مالٍ طلبه منهم، وضاق الوقتُ، فرجعوا إلى بغداد يوم التروية (١).

وفيها كسا الحاكمُ الكعبةَ القُباطيَّ الأبيض، وبعثَ مالًا لأهل الحرمين.

وفيها توفِّي

عبد الصمد بن عمر (٢)

ابن محمَّد بن إسحاق، أبو القاسم، الدِّينَوري، الواعظ، الزاهد، قرأ القرآن، ودرس فقه الشافعي [على أبي سعيد الإصطخري]، وسمع الكثير من الحديث [من أبي بكر النجَّاد] ولزِمَ طريقة المجاهدة، وبه يُضرب المثلُ فيها، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وكان يدقُّ الشعير ويتقوَّت به، وانقطع إلى العبادة والوعظ في الجامع.

وحكى الخطيب أنَّ رجلًا جاءه بمئة (٣) دينار في يوم عيد، وسأله قبولَها، فقال: [دَعْني] (٤) أتلذَّذْ بفقري اليوم كما يتلذَّذُ الأغنياء بغناهم. فقال: فَرِّقْها في أصحابك. فقال: ضَعْها على الأرض. ففعل، فقال عبد الصمد لأصحابه: من كان منكم محتاجًا إلى شيءٍ فليأخُذْ على قَدْرِ حاجته. فما مَدَّ أحدٌ منهم يدَه إليها، وهم على صفاتٍ (٥) مختلفةٍ من الفقر والحاجة، فقال لصاحبها: خُذْها واذهَبْ. وجاءه ولدٌ صغيرٌ فطلب منه شيئًا، فقال: اذهَبْ إلى البقَّال فخُذْ منه عليَّ ربْعَ رطل تمر.


(١) الخبر في المنتظم ١٥/ ٥٤ - ٥٥. ومعنى اعتاقهم، أي: حبسهم.
(٢) المنتظم ١٥/ ٥٥، وصفوة الصفوة ٢/ ٤٧٧ - ٤٨٢، وتاريخ بغداد ١١/ ٤٣ - ٤٤. والزيادتان الآتيتان من (م) و (م ١)، وهما في المنتظم.
(٣) المثبت من (م) و (م ١)، ووقعت العبارة في (خ) و (ب): وانقطع إلى العزلة جاءه رجل بمئة.
(٤) ما بين حاصرتين ليس في (خ)، وهو مثبت من باقي النسخ.
(٥) في (خ) و (ب): أصناف، والمثبت من (م) و (م ١) وهو الموافق لما في تاريخ بغداد والمنتظم.