للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عمر بن السَّكَن: رأيتُ (١) رسولَ خالد بن عبد الله القَسْريِّ قد جاء إلى مُحارب، فسارَّه بشيء، فقال مُحارب: ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الأنعام: ١٥].

ولما مات عُمر بن عبد العزيز ، دعا مُحارب كاتبَه، فقال: اكتب مرثيَّة، فكتب:

بسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، فقال: امحُهُ، فإنَّ الشعر لا يُكتبُ فيه بسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (٢). ثم قال مُحارب:

لو أعظمَ الموتُ خَلقًا أن يُواقِعَهُ … لِعَدْلِهِ لم يَزُرْكَ الموتُ يَا عمرُ

كم من شريعةِ حقٍّ قد أقَمْتَ لَهُمْ … كانت أُمِيتَتْ وأخرى منك تُنْتَظَرُ

يَا لَهْفَ نفسي ولَهْفَ الواجدينَ معي … على البحور (٣) التي تغتالُها الحُفَرُ

لو كنتُ أملكُ والأقدارُ غالبةٌ … تأتي رَواحًا وتأتينا (٤) وتبتكرُ

صرفتُ عن عُمرِ الخيراتِ مصرعَهُ … بدَيرِ سَمْعانَ لكنْ يغلبُ القَدَرُ

ومات محارب في آخر ولايةِ خالدِ بنِ عبد الله القسريّ في خلافة هشام (٥).

وقال ابنُ سعد (٦): له أحاديث ولا يحتجُّون بحديثه، وكان من المُرجئة الأُول الذين لا يشهدون لعليّ وعثمان بإيمان ولا كفر، ويرجئون أمرَهما.

قال المصنف : لا يضرُّه قولُ ابن سعد مع شهادة من سمَّينا من الأئمة له بالصدق والثقة والأمانة والديانة.

محمَّد بن يحيى بن حَبَّان

ابن مُنقذ بن عَمرو الأَنْصَارِيّ، أبو عبد الله، من الطَّبقة الثالثة من أهل المدينة، وهو من فقهائها. كانت له حلقةٌ في مسجد رسول الله ، وهو ثِقَة كثير الحديث.


(١) الخبر في "تاريخ دمشق" ٦٦/ ٢٤١ من طريق عمر بن السكن عمَّن رأى رسول خالد، وكذا في رواية أخرى بعدها من طريق عمر بن السكن، أخبرني رجل حفر محارب بن دثار، وجاءه رسول خالد … إلخ.
(٢) في (ب) و (د): بسم الله.
(٣) في "تاريخ دمشق" ٦٦/ ٢٤٥: النجوم.
(٤) في المصدر السابق: وتبيانًا.
(٥) طبقات ابن سعد ٨/ ٤٢٤، وتاريخ دمشق ٦٦/ ٢٤٥.
(٦) في "الطبقات" ٨/ ٤٢٤.