للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في قصَّة يُوشع (١) بن نُون بن أفراثيم بن يوسُف

وقد ذكرنا أن موسى استخلفه (٢)، فلما توفي موسى قام يوشع بأحكام التوراة على منهاج موسى ، وقسَّم الشام بين بني إسرائيل، وفتح البلاد وأباد الكنعانيين.

وقال أبو القاسم في "تاريخ دمشق": يوشع أحد الرجلين اللذين أنعم الله عليهما. قال: وفتح إحدى وثمانين مدينة، وقتل من ملوك كنعان نيفًا وثلاثين ملكًا (٣).

قلت: ومن أين بالشام ثمانون مدينة؟! وإنما فتح أَريحا وقتل من كان بها وبأَيْلة، لما نذكر.

وقال ابن إسحاق: لما مات موسى جمع يوشع بني إسرائيل ونزل على أَرِيْحا وقاتلها قتالًا شديدًا أسبوعًا كاملًا إلى آخر نهار الجمعة، فخاف يوشع أن تغرب الشمس ويدخل السبت، وكانوا قد أشرفوا على أخذها، فدعا يوشع وقال: اللهم احبس لنا الشمسَ، فوقفت دون الغروب قيد رمح حتى فتح البلد، وقتل الجبارين وجمع الغنائم وقرَّبوها، فلم تنزل النار ولم تأكل منها شيئًا (٤).

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن هَمَّام عن أبي هريرة عن النبي قال: "غَزَا نبيٌّ من الأنبياءِ فقال لقومِهِ: لا يتبعني رجلٌ مَلَكَ بُضعَ امرأةٍ [وهو يريد أن يبني بها ولما يبن]، ولا من بَنى بيتًا ولم يَرفع سقفَهُ، ولا من اشتَرى غَنَمًا أو خَلِفاتٍ وهو ينتظِرُ أولادَها، فَغَزا فَدَنا من القَريةِ صَلاةَ العَصرِ، أو قَرِيبًا من ذلك، فقال للشَّمسِ: أنتِ مأمُورةٌ، وأنا مأمُورٌ، اللهم احبِسها عليَّ شيئًا، فحُبِست حتى فَتح اللهُ عليهم، فَجَمع الغنائِمَ، فجاءت النَّارُ فلم تأكُلها، فقال: فيكم الغُلُولُ، فليُبايعنِي من كلِ قبيلةٍ رجلٌ، فَلزِقت يدُ رجلٍ بِيدهِ فقال: فيكم الغُلُولُ، فليُبايعني قَبِيلتُكَ فلزِقت يدُ رجلينِ أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغُلُولُ، فَجاؤوا برأسٍ مثلُ رأسِ البَقرةِ من ذَهبٍ،


(١) في (ب): الباب التاسع عشر في قصة يوشع .
(٢) انظر فصل في وفاة موسى .
(٣) "تاريخ دمشق" ٢٤/ ٤٤٠.
(٤) انظر "المنتظم" ١/ ٣٧٧.