للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتصدَّق على فقراء الحرمين بمالٍ عظيم، وحَمَلَ المُنْقَطعين، وزوَّدهم، وأحسن إليهم، ولما عاد إلى المدينة شكا إليه سالمٌ من جَوْر قتادة، فوعده أن ينجده عليه.

ولما عاد [كنتُ مقيمًا بالكرك، فخرجتُ إلى لقائه مع جماعة من الأعيان والأمراء والفقراء والفقهاء، فما التفت إلى أحدٍ منهم، ولما رآني ترجَّل عن ناقته، وعانقني، وسقنا إلى زيزا، وكان لقاؤنا له على غدير الطرفاء في البرية، وشرع يحكي لي صفة حجه وما فعل، و] (١) كان والده على خربة اللَّصوص، فقال: أريد أبغته حتى لا يلتقيني أحد. وسار إليه، [واجتمع به] (١)، وحكى له خدمة سالم وتقصير قتادة، فجهَّزَ جيشًا مع النَّاهض بن الجرخي إلى المدينة، والتقاهم سالم وأكرمهم، وقصدوا مكة، فانهزم [قتادة عنهم] (١) إلى البرية، [ولم يقف بين أيديهم] (١).

وفيها توفي

إبراهيم بن علي (٢)

ابن محمَّد بن بَكْروس، الفقيه الحنبلي.

ولد سنة سَبْعٍ وخمسين وخمس مئة، وكان أبوه من الصَّالحين [وهو الذي زوَّجه جدي ابنته ست العلماء، وقد ذكرناه فيما تقدم، وإبراهيم هذا ليس من ست العلماء، بل من امرأة أخرى] (١)، وقرأ [إبراهيم] (١) القرآن، وتفقَّه على مذهب الإِمام أحمد [وسمع الحديث على أبيه وغيره، وشهد عند القاضي ضياء الدين بن الشهرزوري،] (١) وناظر وأفتى، ثم إنَّ الله مَكَرَ به، فصار صاحبَ خَبَرٍ بباب النوبي، ورمى الثَّوْب الواسع، ولبس المزند، وتقلَّد السيف، وفتك في المال والحريم، وضَرَبَ جماعةً بالخشب [ورماهم بدجلة، وما كانت تأخذه في أذى مسلم لومةُ لائم، وولي نيابة الباب، فكان مآله إلى أن ضرب بالخشب] (١) حتى مات تحت الضَّرْب، فكان يقول


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) له ترجمة في "التكملة" للمنذري: ٢/ ٢٩٦، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٢٥٢، وفيه تتمة مصادر ترجمته.