للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال العماد الكاتب: فلما طال أمره قَصُرَ عُمره، [(١) والثاني أَنَّهم لما امتنعوا من تسليم قلعة حارم] خَرَجَ إليها الملك الصَّالح من حلب، ومعه الخادم، فقال: مُرْهم بتسليمها، فأمرهم فلم يقبلوا، فعلَّقه منكوسًا، ودخَّن تحت أنفه فمات. وعاد الصَّالح إلى حلب ولم يأخذها، ثم أخذها بعد ذلك، وسلَّمها إلى مملوك أبيه سرخك.

محمد بن عبد الله (٢)

ابن هبة الله بن المُظَفَّر بن علي بن الحسين بن أحمد بن محمد بن عمر بن الحسن بن عبيد بن عمرو بن خالد بن الرُّفَيل، أبو الفرج الوزير، ابنُ رئيس الرُّؤساء -[وقد ذكرنا ترجمة ابن مسلمة (٣) وزير القائم بأمر الله] (٤) - ولقبه عَضُد الدِّين.

ولد سنة أربع عشرة وخمس مئة، وكان أبوه أستاذ دار المقتفي، وأقرَّه المستنجد، فلما ولي المستضيء استوزره، وقصده قطب الدِّين قيماز [على ما ذكرنا] (٤)، ثم عاد استوزره المستضيء، فَشَرَعَ ظهير الدِّين أبو بكر بن العَطَّار صاحب المخزن في عداوته، فغيَّر قلب الخليفة عليه، فطَلَبَ الحجَّ في هذه السَّنة، فأَذِنَ له، فتجهَّز جِهازًا عظيمًا؛ اشترى ستّ مئة جمل لحمل المُنْقطعين وزادهم، وحَمَلَ معه جماعةً من العلماء والزُّهَّاد، ومارَسْتانًا فيه جميع ما يحتاجون إليه (٥) من الرَّوايا والقُرب والزَّاد وغيره ما لم يحمله وزير، فلما كان يوم الأربعاء رابع ذي القَعْدة ركب في شَبَّارة (٦)، وعَبَرَ في دِجْلة إلى الجانب الغربي، وجميع أهل بغداد من الجانبين يدعون له ويثنون عليه، لأَنَّه كان مُحْسنًا إليهم بماله وجاهه ومروءته، قريبًا من النَّاس، ولما صَعِدَ من


(١) في (ح): "وقيل إنهم لما امتنعوا من تسليمها"، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) له ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ٢٧٣ - ٢٧٥، ٢٨٠، و"الكامل": ١١/ ٤٤٦ - ٤٤٧، و"الروضتين": ٢/ ٤٨١، و"المختصر المحتاج إليه": ١/ ٥٥ - ٥٨، والفخري في "الآداب السلطانية": ٢٣٢ - ٢٣٣، و"سير أعلام النبلاء": ٢١/ ٧٥ - ٧٧، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٣) ابن مسلمة هو علي بن الحسين بن أحمد، أبو القاسم، مات مقتولًا سنة (٤٥٠ هـ)، فانظر ترجمته في حوادثها.
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) في (ح): ما يحتاج من الروايا، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٦) ضرب من الزوارق، انظر: "تكملة المعاجم" لدوزي، الطبعة الفرنسية: ١/ ٧١٩.