قال: ومن فضائل مصر أنَّ الله ذكرها في ثمانية عشر موضعًا، وثبت أنَّ النبي ﷺ قال:"استوصوا بأهلها خيرًا، فإنَّ لهم ذِمَّةً ورَحِمًا" وقد ذكرنا الحديث.
قال: ومنها أنَّ حرَّ مصر لا يمنع التصرُّف، وكذا شتاؤها ربيع، وبغداد يمنع حرُّها التصرُّفَ، وكذا شتاؤها.
وفيها الأقوات، فإن مصر تُمير الحجاز واليمن والحرمين والهند والشام والجزيرة، وبَغداد لا تُميرُ أهلَها فضلًا عن غيرها.
قال: ومنها ما يعمل بمصر من الثياب؛ الدَّبيقي والشرب والقصب، وليس في الدنيا بلدٌ يبلغ قيمة الحُلَّةِ فيه ألفَ دينارٍ وأكثرَ غيرَ مصر.
قال: ومنها علماؤُها وزُهَّادُها؛ مثل الشافعي، ويوسف بن يحيى البُويطي ونُعيم بن حماد، والرَّسْعَني، والطحاوي. وفي القُضاة: بكار بن قُتيبة. وفي الزُّهَّاد: ذو النون المصري وغيرهم.
وذَكر من علماء بغداد أحمدَ بن حنبل، قال: ضُرِبَ في زمن المحنة، ولم يجرِ عليه ما جرى على يوسف البويطي ونُعيم بن حماد، فإنَّ البُويطي مات في قيوده في أيام الواثق، وحُمِلَ من مصر إلى بغداد.
وأما نُعيم بن حماد فحُمِلَ أيضًا في قيوده إلى بغداد، وامتُحِنَ فلم يُجِبْ، ومات في قيوده. وذكرَ موازنةً طويلةً.
[وفيها توفِّي]
الحسن بن عبد الله بن سعيد (١)
أبو أحمد، العسكري، العلامة، الراوية، صاحب التصانيف الحِسان في اللغة والأدب والأمثال. قال أبو الحسن علي بن المظفر: قدمتُ البصرةَ، فقرأتُ على أبي أحمد العسكري، فقدم البصرةَ فخرُ الدولة، ومعه الصاحب بن عبَّاد، فبينا أنا أقرأ عليه إذ جاءت رُقعةٌ من الصاحب، فقرأها وكتب في ظَهرِها، وردَّها مع القاصد، فسألتُه عن ذلك، فقال: كتب إليَّ: [من الطويل]