للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سوف أثني عِنانَه (١) عن ملامي … بمقالٍ حقٍّ إليه يَصيرُ

بمديحِ المَوْلى الإمامِ الذي قد … ملأ الأرضَ عدلُه الموفورُ

لم يَزَلْ منذ حَلَّ في المهد يعلو … هـ إلى اليوم في الخِلافة نورُ

ثم وافَتْه تنجلي فتلقَّا … ها بوجهٍ هو الصَّباحُ المنيرُ

فأضاءَتْ بالمُسْتضيء نواحي الـ … أرضِ إذْ قام وانجلى الدَّيجورُ

أنتَ يا ابن القُروم من آل عبَّا … سٍ أمينٌ للمؤمنينَ أميرُ (٢)

السَّنة الثامنة والسبعون وخمس مئة

في المحرَّم سار سيف الإسلام طُغْتِكِين إلى اليمن، فنزل زَبيد وبها حِطَّان، فأمره أن يسير إلى الشَّام، فجمع أمواله وذخائره وأسبابه، ونزل بظاهر زبيد، فَقَبَضَ عليه سيفُ الإسلام، وأخذَ جميعَ ما كان معه، وقيمته ألف ألف دينار، ثم قتله بعد ذلك، وكان عثمان الزَّنْجيلي بعدَن، فلما بلغه ذلك سار يطلب الشَّام بعد أن أثر باليمن آثارًا كثيرة، ووقف الأوقاف، وله مدرسةٌ بمكة، ورباطٌ بالمدينة وغيرها.

وفي خامس المحرَّم خرج صلاحُ الدّين من مِصْر، فنزل البركة (٣) قاصدًا الشَّام، وخرج أعيانُ الدَّولة لوداعه، وأنشده الشعراء أبياتًا في الوداع، فسمع قائلًا يقول في ظاهر الخيم:

تَمَتَّعْ من شميمِ عَرَارِ نَجْدٍ … فما بَعْدَ العَشِيَّة من عَرَارِ (٤)

فطلب القائل، فلم يوجد، فوجم السُّلْطان، وتطيَّر الحاضرون، فكان كما قال، اشتغل السُّلْطان بالشرق والفرنج، ولم يَعُدْ بعدها إلى مِصْر.


(١) في (ح): "ملامه"، والمثبت من "الخريدة".
(٢) الأبيات في "خريدة القصر": مج ١ ج ٣/ ٣٣٤ - ٣٣٦ مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(٣) أي بركة الجب.
(٤) قائل ذلك أحد مؤدبي أولاده كما ذكر ذلك العماد، ونقله عنه أبو شامة في "الروضتين": ٣/ ١٠٤.
والبيت للشاعر الصمة بن عبد الله القشيري، وهو شاعر غزل، توفي نحو (٩٥ هـ)، وهو من أبيات اختارها أبو تمام في حماسته. انظر "شرح المرزوقي": ٣/ ١٢٤٠ - ١٢٤٤.