للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما أنْ تولَّيتَ القضايا … وفاضَ الجَوْرُ من كَفَّيكَ فَيضا

ذُبحتَ بغيرِ سِكِّينٍ وإني … لأرجو الذَّبْحَ بالسِّكِّينِ أيضًا (١)

محمد بن عبد الله (٢)

ابن القاسم، أبو الفضل، كمال الدين بن الشَّهْرُزُوري.

قاضي دمشق والشَّام، ولد سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة، وقدم بغداد، فتفقَّه على أَسْعد المِيهَني بالنِّظامية، وسَمِعَ [(٣) الحديث ببغداد والمَوْصِل، وكان رئيس أهل بيته، وولي قضاء القضاة بدمشق وحمص وحماة وحلب وجميع الشام في أيام نور الدين بن زنكي]، وكان إليه في أيام نورِ الدِّين مع القضاء أمرُ المدارس والمساجد والأوقاف والحِسْبة والأمور الدينية والشَّرعية، وكان صاحبَ القلم والسَّيف، و [كانت] (٤) شِحْنِكيَّة دمشق إليه، ولَّى فيها بعض غِلْمانه، ثم ولاها نورُ الدِّين لصلاحِ الدِّين، وكانت بينهما مضاغنة، وكان كلُّ واحد ينقض حُكْم الآخر، فلما كاتبه صلاح الدِّين على أن يساعده على أَخْذ دمشق أعانه، وفَتَحَ له أبوابها، فلما دَخَلها صلاح الدين مشى إلى داره، وطيَّب قلبه، [وقد ذكرناه.

وذكره العماد في "الخريدة" بمعنى ما ذكرنا، وقال] (٤): كان فاضلًا، جَوَادًا سَمْحًا، دَيِّنًا عفيفًا، ذا مروءةٍ ظاهرة، وصدقات دارَّة وافرة، وبرٍّ متَّصل؛ جاء إلى الشيخ أحمد والد الشيخ أبي عمر شيخ الحنابلة، وأحمد أوَّل من سَكَنَ منهم قاسيون، فزاره ومعه ألف دينار، فدفعها إليه، فامتنع الشيخ أحمد من أَخْذِها، فاشترى كمال الدِّين قرية الهامة بوادي بردى، ووقَفَ نصفَها على الشيخ أحمد، والمقادسة، والنِّصف الآخر على الأُسارى، وهي باقيةٌ إلى هلمَّ جرّا.


(١) "الخريدة": ١/ ٢٤٥.
(٢) له ترجمة في "خريدة القصر" قسم شعراء الشام: ٢/ ٣٢٣ - ٣٢٧، و"المنتظم": ١٠/ ٢٦٨، و"الكامل" لابن الأثير: ١١/ ٤٤١، و"كتاب الروضتين": ٢/ ٤٢٦ - ٤٢٨، و"وفيات الأعيان": ٤/ ٢٤١ - ٢٤٤، و"المختصر المحتاج إليه": ١/ ٥٥، و"سير أعلام النبلاء": ٢١/ ٥٧ - ٥٨، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٣) في (ح): وسمع بها وبالموصل، وكان رئيسًا، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).