للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمدويه فقال: وأين الخضر؟ فقال: جاء إلى خزانة الزيت [وجلس عندك]، وقلت له: قم من عندي، أمَّا وجدت في الجامع موضعًا غير هذا؟! فقال الرجل: قد كان ذلك، وما علمتُ أنَّه الخضر واسترجع، فقال حمدويه: بلى.

وقال حمدويه: كنتُ أمشي في اليوم أربعينَ ميلًا، وأختم في كلِّ ميلٍ ختمة (١)، فلمَّا كان في بعض الأيام تعبتُ تعبًا شديدًا وضَعُفت من الجوع، فأتيتُ في البرية إلى عين ماءٍ في مكانٍ طيِّب، فقعدتُ واسترحت (٢)، وشربتُ من العين، وقلت: لو كان مع الماء شيءٌ من طعام، وإذا بجاريةٍ سوداء واقفة على رأسي فقالت: قد أرسلَ مولاي إليك هديَّةً، وقال: إن قبلهَا فأنتِ حُرَّةٌ لوجه الله، فقلت: ضعيه واذهبي، فوضعته وإذا فرنيتان وبيضٌ مَسْلوق، [قال:] فتركتُه بحاله، ومضيت ولم أتناول منه شيئًا [قال الراوي: كأنه جزع من سرعة الإجابة].

وقال [الحافظ: قال حمدويه:] عطشتُ [ليلةً] وأنا بجامع دمشق، والأبوابُ مغلقةٌ، فقلت: يا إلهي، عطشت، وإذا بكفٍّ قد خرجت من الحائط وفيها كوز من ماء، فقال: اشرب.

[قال ابن عساكر:] مات حمدويه بدمشق [في هذه السنة]. أسند عنه [أبو القاسم (٣) بن أبي العَقَب، وأبو هاشم المؤدِّب، و] أبو صالح الذي ينسب إليه مسجد أبي صالح بباب شرقي وغيره [انتهت ترجمته (٤).

وفيها توفي]

[عبد الله بن علي]

ابن محمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب، القاضي، الفاضل.

كان من سَرَوات الرجال، له قدرٌ وجلالة، [و] استقضاه المكتفي على مدينة المنصور [في] سنة اثنتين وتسعين ومئتين، وما زال كذلك إلى سنة ست وتسعين، فنقلَه


(١) في تاريخ دمشق ٦٠/ ١٦٠: كنت أمشي في اليوم أربعن ميلًا، وأختم ختمة.
(٢) في (خ): واسترجعت وقلت: إنا لله وأنا إليه راجعون!
(٣) في (خ) و (ف) و (م ١): عن أبي القاسم … والتصويب من تاريخ دمشق ٦٠/ ١٥٩، وانظر سير أعلام النبلاء ١٤/ ١١٢.
(٤) ما بين حاصرتين من (ف) و (م ١). وبعدها في (م ١): والحمد لله وحده.