للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دخل أبو سعد في صلاة المغرب بجرجان، فقرأ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥]، ففاضَتْ نفسُه، وذلك في ربيع الآخر، حدَّث عن أبيه وغيرِه، وروى عنه التَّنوخيُّ وغيرُه، وأجمعوا على فضلِه وصدقِه وأمانتِه.

محمَّد بن إسحاق (١)

ابن محمَّد بن مَنْدَة، أبو عبد الله، الأصفهاني، أحد الحُفَّاظ المُكثرين والمحدِّثين الجوَّالين، من بيت الحديث والفضل، صنَّف التاريخ والشيوخ، وتوفِّي بأصبهان في ذي القعدة، وقيل: في صفر، وقال: كتبتُ عن ألف شيخ. وقال الحافظ جعفر بن محمَّد: ما رأيتُ أحفظَ من أبي عبد الله بن مندة، وسألتُه: كم يكون سماعُ الشيخ؟ فقال: يكون خمسة آلاف صِنًّا، والصِّن -بكسر الصاد-: السَّكَّة المطبقة.

[السنة السابعة والتسعون وثلاث مئة]

فيها دخل بهاءُ الدولة البصرة مالكًا، واستولى على ذخائرِ ابنِ واصل وأسبابه، وعزم على قبض الوزير، فأشار عليه أبو الخطاب بتأخير ذلك، وقال: قد انتفضت عليك فارس والخوارج من كلِّ مكان، فابعَثْه إليها، فمالها غيرُه، فخلع عليه الخِلَع السلطانية، وسار إلى فارس.

ذكر ما جرى لابن واصل:

لمَّا هرب من البصرة بعث إلى حسان بن ثِمال الخفاجي، وكان مُحسنًا إليه، فأخذ زِمامه على أن يسير به إلى الكوفة، فسار به، فلمَّا توسَّط الطريقَ كان معه جماعةٌ، فذهبوا عنه، وسار به حسَّان إلى مشهد الكوفة، فدعا وتصدَّق، ثمَّ سار إلى مشهد الحسين وفعل مثل ذلك، ثمَّ قطعَ به الفرات، وأخذ جماعةً من بني عقيل، وسار إلى تل عُكْبَرا، وقطع دجلة إلى خانقين يريد بدر بن حسنويه -وكان صديقَه- فوصل إلى قلعة خانقين، وبها جعفر بن العوام، فنزل إليه وخدَمه، وقال: أين تريد؟ فقال: أريد الأمير بدر بن حسنويه. فقال له جعفر: بدرٌ بعيدٌ عنَّا، وخبرُك لا يخفى، وقد نَمَتْ


(١) المنتظم ١٥/ ٥٢. وينظر السير ١٧/ ٢٨.