للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العسكر، ووصل بغداد من عسكر الخليفة خمسون فارسًا بعد أن كانوا ثلاثة آلاف، ولم يُقْتل منهم أحد، وإنَّما أُخذت خيولهم وأموالهم، وجاؤوا حُفاة عُراةً، وانفصل سليمان شاه عن إيلدكز، وعاد إلى بغداد على طريق الموصل، وكان عاجزًا عن حُسْنِ التَّدبير، فهان على أصحابِ الأطراف، وكان زين الدِّين كُوجك في المَوْصل، فخرج إليه، وقَبَضَ عليه، وأطلعه إلى القلعة، وبعث إلى محمد شاه يقول: تعال تَسَلَّمه، وإنْ أردتَ أَنْ تقصد بغداد ساعدتُك. فسار يريد بغداد، ونزل بعقوبا، وبعث إلى كوجك، فتأَخَّر عنه، وانزعج أهلُ بغداد، وعَرَضَ الخليفةُ عساكره، وعصى عليه أرغش صاحا البَصرة، وبدر بن المُظَفَّر صاحب البطيحة، وبعث إلى كُوجك يأمره بإطلاق سليمان شاه، فلم يُطْلقه، وأقام محبوسًا في المَوْصِل، ثم أُطلق بعد ذلك. وأما السُّلْطان محمد فلما تأخَّر عنه زين الدين خاف أن تكون عليه حِيلة، فرجع من بَعْقُوبا إلى هَمَذَان.

وفيها خَلَصَ سنجر من أَسْرِ الغُزِّ بحِيَل، وهَرَبَ إلى قلعة تِرْمذِ بعد أن أقام عندهم أربع سنين في الذلِّ والهوان حتى ضرب به أهلُ بغداد الأمثال، فكان إذا مَرَّ على إنسانٍ شدائد، قالوا: ما اشتفى الغُزُّ من سنجر، وقيل: إنه وعد الموكلين به بالمال العظيم، فأجابوه، ووفى لهم.

وحَجَّ بالنَّاسِ من العراق قيماز، ومن الشَّام نجم الدِّين أيوب.

فصل وفيها توفي

عبد القاهر بن عبد الله (١)

ابن الحسين. أبو الفرج، الوأواء الشَّاعر.

أصله من بُزاعة (٢)، ونشأَ بحلب، وتأدَّب بها، وشرح "ديوان المتنبي"، ومَدَحَ جماعةً من أهل الشَّام، ومن شعره: [من الطويل]


(١) له ترجمة في "تاريخ ابن عساكر": مج ٤٣/ ٦٨ - ٧٠، و"خريدة القصر" قسم شعراء الشام: ٢/ ١٥٥ - ١٥٧، و"إنباه الرواة": ٢٠/ ١٨٦، و"الوافي بالوفيات": ١٩/ ٥٢ - ٥٣، و"النجوم الزاهرة": ٥/ ٣٢٢ - ٣٢٣، و"بغية الوعاة": ٢/ ١٠٦، و"شذرات الذهب": ٤/ ١٥٨.
(٢) بزاعة بضم الباء وكسرها، ومنهم من يقول: بزاعا: من أعمال حلب في وادي بطنان بين منبج وحلب. انظر "معجم البلدان": ١/ ٤٠٩.