للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مغارة] (١) أفقّه فِي جبل لبنان من ناحية السَّاحل، وبعث إليه عدلين من عدول بَعْلَبَك شهدا عليه ببيع أملاكه، فحكى [لي] (١) أحدهما، قال: رأيته وعليه قندورة صغيرة، وعلى رأسه تخفيفة، فبكى، وقال: معكم شيء آكل؟ فلي ثلاثةُ أيام ما أكلت شيئًا. قال: فأطعمناه من زادنا، وشهدنا عليه ببيع أملاكه لأمين الدولة، ونزلنا من عنده، فبلغنا أَنَّ داود النَّصْراني [سيف النقمة] (١) جاء إليه، وقال: قد أُمرنا بحملك إِلَى بَعْلَبَك. فأيقن بالهلاك، وخرج معهم، وقال: دعوني أُصلِّي ركعتين. فقال داود: صَلِّ. فقام يصلي، [فصلى ركعتين] (١)، فأطال، فرفسه داود من رأس شقيف مطلٍّ على نهر إبراهيم، فوقع، فما وصل إِلَى الماء إلَّا وقد تقطَّع.

وحكى [لي آخر] (١) أنَّه تعلَّق ذيله بسنِّ الجبل، فما زال داود يضربه بالحجارة حتَّى قتله.

وأما الموفق الواسطيّ [(٢) وكان ضد اسمه، فحكى لي أعيان الدماشقة أنَّه كان أساس البلايا، ومعدن المصائب والرزايا، فتح أبواب المظالم، وأوقع المسلمين فِي المغارم، وجسَّر الرفيع على خوض جهنم، وكان يقال إنه من ظلمه تعلَّم، وأخذ أموال النَّاس لنفسه على ما بلغني، وهي نحو ست مئة أَلْف درهم، وأنه فِي آخر عمره عذب عذابًا ما عذبه أحد من العالمين، وكسرت ساقاه، وصار عبرة للناظرين، ومات تحت الضرب، وألقي فِي مقابر اليهود والنصارى، ولم يجد له من دون الله أنصارًا، وأكلت لحمه الكلاب، وصار عبرة لأولي الألباب، ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج: ١٢] وما هي من الظالمين ببعيد]. وسُرَّ النَّاس به.

الملك المغيث عمر بن الصالح أَيُّوب (٣)

كان ولدًا حسنًا، عاقلًا، دَيِّنًا، أسره الصَّالح إسماعيل سنة ثمانٍ وثلاثين، وحبسه فِي بعض أبراج قلعة دمشق، وكان عاقلًا جَوَادًا، لم يحفظ عنه كلمة فحش، ولا كسَرَ


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) فِي (ت): وأما الموفق الواسطيّ فهو كان أساس البلايا، أخذ من أموال النَّاس لنفسه ست مئة أَلْف درهم، وآخر أمره أنَّه عذب عذابًا عظيمًا، وكسرت ساقاه ومات تحت الضرب، وألقي فِي مقابر اليهود والنصارى، وأكلت الكلاب لحمه .. ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) له ترجمة في "مفرج الكروب": ٥/ ٣٤٦، و"الوافي بالوفيات": ٢٢/ ٤٣٩، و"النجوم الزاهرة": ٦/ ٣٥١.