للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحجَّ بالنَّاس موسى بنُ عيسى بن موسى بنِ محمَّد بن عليّ.

فصل وفيها تُوفِّي

عامر بن عُمارة

ابن خُرَيْم الناعم، أبو الهَيذام، من بني مُرَّة (١).

كان زعيم قيسٍ في الفتنة التي وقعت بين قيس والحمانيةِ وأطفأها جعفرُ بن يحيى بنِ خالد، وله فيها أشعارٌ كثيرة.

قال المَرزُباني: نزل أبو الهيذام الشاميُّ سِجِستان، فقتل عاملٌ لهارونَ بها أخًا لأبي الهَيذام، فحزن عليه حُزنًا كثيرًا، وقال فيه الأَشعار، فمن ذلك: [من الطَّويل]

سأبكيكَ بالبِيضِ الرِّقاق وبالقَنا … فإنَّ بها ما يُدرِكُ الطَّالبُ الوِتْرا

ولسنا كمَنْ يبكي أخاه بعَبْرَةٍ … يُعَصِّرُها من ماء مُقْلَتِه عَصْرا

وإنَّا أُناسٌ ما تَفيض دموعُنا … على هالكٍ منَّا وإنْ قَصَم الظَّهرا

ولكنَّنا نشفي الفؤادَ بغارةٍ … تُلَهِّبُ في قُطْرَي كتائبها جَمْرا (٢)

ثم قوي أمرُ أبي الهيذام، واشتدَّت شوكتُه، وضَرَّب بين القيسية واليمانية، فأَعيت على هارونَ الحيلُ فيه، فاحتال عليه بأخٍ له وأرغبه، فاغتاله وقيَّده، وبعث به إلى هارونَ وهو بالرقَّة، فلمَّا دخل عليه قال: [من الطَّويل]

وأَحسِنْ أميرَ المُؤْمنين فإنَّه … أبى اللهُ إلَّا أن يكونَ لك الفضلُ (٣)

فأطلقه وأَحسن إليه ومَنَّ عليه.

وقال المدائنيّ: كان سببُ هذه الفتنة أنَّ رجلًا من بَلْقَين مرَّ على مَبطَخةٍ بالبَلْقاء، فأخذ منها بِطِّيخة، فنهاه صاحبها، فشتمه، وكانت لرجل من جُذام، فقام إليه الجُذاميّ فقتله،


(١) تاريخ دمشق (عاصم- عائذ) ٣٩٣، وتاريخ الإِسلام ٤/ ١٠٢٠.
(٢) تاريخ دمشق ٣٩٤، تاريخ الإِسلام ٤/ ١٠٢١، الأمالي ١/ ٢٦٧، زهر الآداب ٢/ ١٠١٠، الحماسة البصرية ١/ ٢٣٩، معاهد التنصيص ١/ ٢٥١. ونسب المرزباني في معجمه ص ١٨٠ الأبيات للفضل بن عبد الصَّمد الرَّقاشيّ.
(٣) في (خ): يكون الفضل، والمثبت من تاريخ دمشق ٣٩٤، وتاريخ الإِسلام ٤/ ١٠٢١، وسمط اللآلي ١/ ٥٩٣، ومعاهد التنصيص ١/ ٢٥١.