للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة السادسة والخمسون والأربع مئة]

فيها في مستهل المُحرَّم استقرَّ أمر مسلم بن قريش، وأُعطي من البلاد ما رضي به، وطلب أن يحضر إلى بيت النُّوبة ليخلع عليه، فأجاب ثم امتنع وتعلَّل، فبعثوا إليه بالخلَع، فلبسها وحلف، وزالت الوحشةُ، واطمأنَّ الناسُ، ورجعت العساكر إلى بلادها، ودخل أبو علي بن موسك وأبو الحسين بن عيسكان إلى الديوان، وخلع عليهما الفَرَجيَّات المُذهَبات والعمائم، وبعث لمسلم اللواء والمركب الذهب وغير ذلك، فلمَّا عاد عميد الملك من حصار قُتُلْمِش بكَرْدكوه نزل قُتُلْمِش من القلعة، وسار إلى التركمان، فنزل عليهم، واستجاش بهم، فنزل إليه أكبرهم، فقوي جأشُه، وانصرف إليه كلُّ مفسد، فسار إلى ساوة ومعه خمسون ألف فارس، وكاتب الأمراء بالاستمالة، فأجابه سُرْخاب بن كامرو، ورحل في الليل هاربًا إليه، وبعث إليه أخاه فجسر على قصد الري، وكان أبو نصر الدِّهِسْتاني الملقب نظام الملك عند قُتُلْمِش معتقلًا، ولمَّا علم عميد الملك ما فعل قُتُلْمِش، وأنَّ ألب أرسلان قد توجَّه من نيسابور يريد الري، كاتبه واستمدَّه، واستخرج أمره فيما يفعل، وأقيمت له الخطبة بالري كما ذكرنا، وجاء قُتُلْمِش حادي عشرين ذي القعدة، فأشرف على الري، فخرج إليه عميد الملك والعسكر، فالتقوا، وقصدهم، وكان في المقدمة الأمير ابنابجيل، فأُسِرَ وأُسِرَ معه جماعةٌ خمسُ مئة غلام، وانهزم عميد الملك، ودخل البلد، وعاد العسكر إلى البلد فضبطوه، وجاء التركمان فحاصروه، وقطعوا الموادعة، وأشرف الناس على خِطَّة صعبة، وأنفد عميد الملك عدة جَمَّازات إلى ألب أرسلان، فجاء جوابه: لا تخرجوا من البلد، فأنا واصلٌ إليكم. وعمل التركمان كلَّ قبيح ومنكر، ووصلت مقدمات ألب أرسلان إلى الدامغان مع الحاجب أردم، فرحل قُتُلْمِش سلخ ذي القعدة بمن معه، وساروا يطلبون العسكر الوارد ليفرغوا منه ويعودوا إلى الري، فصادفوا أردم بمكان يقال له: قرية الملح، فقتلوا جماعةً من أصحابه، وتحصَّن بالقرية، وبعث إلى ألب أرسلان يخبره، وكان على فرسخين منه، فرحل إليه فلحقه، ووقع القتال، واشتدَّ الأمر، وكثرت القتلى، وأنزل الله نصره على ألب أرسلان، فانهزم قُتُلْمِش والتركمان، وركبهم السيف مسيرة أربعة فراسخ، وأُرسِلَ رسول تكين أخو قُتُلْمِش وابن قُتُلْمِش