للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دمشق، فأكرمه صلاح الدين، واحترمه بحيث إنه كان يأكل معه، ويغسل يده معه في الطَّسْت، فحسده شمسُ الدِّين بن هُبيرة، وبلغ السُّلْطان، فقال: هذا وزير ابن وزير إلى أن ينقطع النَّفَس، مع الدِّين المتين، والزُّهْد في الدنيا، وغيره ليس كذلك، وأقام عند السلطان محترمًا إلى أن توفي في جُمادى الآخرة، ودفن بقاسيون، وصلى عليه السلطان، وقد بلغ أربعًا وأربعين سنة.

محمد بن أتابك إلدكز (١)

ولقبه شمس الدين البهلوان [وهو الذي ذكرنا أنه نزل على خِلاط عام أول، و] (٢) كان حاكمًا على العراق وأذربيجان والرّي وأصفهان، وكان اسم الملك واقعًا على طغريل بن رسلان بن طغريل بن [محمد بن] (٣) ملك شاه، وكان تحت حِجْر البهلوان، ويأكل البلاد باسمه، وكان ظالمًا فاتكًا، ولما احْتُضر أوصى إلى أخيه لأمه قزل، ومات [البهلوان] (٢) بهمَذَان، وخلَّف ما لم يخلفه أحد، أما الأموال فما تحصى، وأما المماليك فترك خمسة آلاف مملوك، وثلاثين ألف فرس وبغل وجمل، وأقام أخاه مقامه وشبَّ طغريل، فأَنِفَ من الاحتجار، فركب من هَمَذَان، ومعه مماليكُ أبيه ومماليكه، وجاء إلى أصبهان، وتبعه قزل، ووقعت الحرب، فأحرق قزل أصبهان حتى مدارسها ورُبُطها ومساجدها، ومات الناس جوعًا [بسبب ذلك] (٤).

[السنة الثالثة والثمانون وخمس مئة]

فيها فُتِحَ البيتُ المقدَّس، وعكا، وحصون السَّاحل، وسببه وقعة حِطِّين.

خرج السُّلْطان من دمشق غُرَّة المحرَّم بعساكر الشَّام، فنزل بُصْرى يرتقب وصول الحاج وأُخته ست الشَّام، وولدها ابن لاجين، وكان قد بلغه أنَّ إبرنس الكَرَك يرتقب


(١) سلفت أخباره في هذا الكتاب، وله ترجمة في "تاريخ دولة آل سلجوق": ٢٧٥، و"الكامل" لابن الأثير: ١١/ ٣٨٨، ٥٢٥ - ٥٢٦، و"كتاب"الروضتين": ٣/ ٢٦٨، "وفيات الأعيان": ٥/ ٢٠٨.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) ما بين حاصرتين زيادة من عندنا للإيضاح.
(٤) ما بين حاصرتين من (م)، وفي (ش): من الحصر الذي كان.