للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى هشام بن محمد، عن أبيه قال: لما رجع رسول الله ليلة أُسري به، فلما كان بذي طُوى، قال: يا جبريل، إن قومي لا يصدقوني. قال: يصدقك أبو بكر، وهو الصديق (١).

[فصول تتعلق بالمعراج]

منها: أن مذهب عامة الصحابة، والتابعين، والخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين: أن الله ﷿ عرج بنبيه جَسدِه وروحِه. وحكي عن معاوية بن أبي سفيان: أنه إنما عرج بروحِه دون جسده (٢). وقال الواقدي: كان الإسراء بجسده إلى بيت المقدس، وإلى السماء بروحه.

وذكر السهيلي (٣) في "شرح السيرة": واحتج ابن إسحاق لمعاوية بقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَينَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠]، وفي حديث أنس (٤) وأم هانئ: "فاستيقظتُ وأنا في المسجد الحرام" (٥).

وقالت عائشة : أسري بروح رسول الله وهو نائم على فراشه، وما فقدت جسد رسول الله (٦).

وجه ما روي أنه عرج بروحه إلى البيت المقدس، وروحه إلى السماء قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ [الإسراء: ١] جعلَ الإسراء إلى القدسِ غايةً لمعراجه ومن هناك عرج بروحه.

ووجه قول الأولين قولُه تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلًا﴾ الآية، ذكر الجُملةَ، ولو كان منامًا لقال بروحه، لأنه لو كان منامًا لم تكن معجزة، ولا أنكرته


(١) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ١/ ١٨٣ من حديث أم هانئ، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (٧١٧٣) من حديث أبي هريرة.
(٢) انظر "السيرة" لابن هشام ٢/ ٣٤.
(٣) في (خ): "الثعلبي".
(٤) أخرجه البخاري (٧٥١٧) من حديث أنس، ولم نقف عليه من حديث أم هانئ.
(٥) "الروض الأنف" ٢/ ١٩١.
(٦) أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (مسند علي) ص ٤٤٧، وانظر "السيرة" لابن هشام ٢/ ٣٤.