للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو علي: فما هو إلَّا أن أنشدني الزَّقاق الأبياتَ حتَّى صرتُ مَغلوبًا لا أدري ما لحقني، ثمَّ أفقتُ، فقال لي: يَا أَبا عليّ، مَن وقع في بَليَّةٍ لم يَخْلُ من البلاءِ حاضروه.

وقال الرقِّيُّ: كنَّا عند الزقَّاق بالغداة فقال: إلى كم تبقيني ها هنا؟ فما جاء الظهر حتَّى مات، ولم يذكر في "المناقب" تاريخ وفاته.

[يحيى بن زكرويه بن مهرويه]

أبو القاسم، القِرمطيُّ، ويعرف بالشيخ المُبَرْقَع.

وكان يسمِّي نفسه عليَّ بن أَحْمد بن محمَّد بن عبد الله، من ولد جعفر بن محمَّد الصَّادق، وكذب فيما يزعم، بل هو يحيى بن زكرويه، وكان من دُعاة القَرامطة.

عاث في الشَّام وبنواحي الرَّقَّة، ثمَّ جاء إلى دمشق، فخرج إليه طُغْج بن جُفٍّ أميرُ دمشق في جيش، فكسره القرمطيُّ، فبعث المصريُّون جيشًا مع بدر الحمَّامي، فلقيه القرمطيُّ على قرية بحوران يقال لها: كُنَيْكر، في سنة تسعين ومئتين، فاقتتلوا قتالًا عظيمًا، فقُتل القرمطيُّ، وقام أخوه موضعَه.

وكان سبب قتله أنَّ بعض البرابرة زَرَقه بمِزْراق (١)، واتَّبعه نفَّاطٌ فأحرقه بالنَّار، وذلك في كَبِد الحرب وشدَّتها، ولمَّا قُتل نصَّب أصحابُه أخاه الحسين بن زكرويه ويسمَّى بصاحب الشَّامة، وزعم أنَّه أَحْمد بن عبد الله بن محمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، وهو ابن نَيّفٍ وعشرين سنة، وأظهر شامةً في وجهه وزعم أنَّها آيتُه، وجاءه ابن عمِّه عيسى بن مِهرويه، وزعم أنَّه عبد الله بن أَحْمد ابن محمَّد، (٢) بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فلقَّبه المدَّثِّر، وعَهِد إليه، وذكر أنَّه المعنيُّ في السورة، ولقّب غلامًا له: المطوَّق بالنُّور، وقلَّده قتل أسرى المسلمين، وظهر على المصريِّين، وعلى دمشق وحمص والشَّام، وتسمَّى بأمير المُؤْمنين والمهدي، ودُعي له على المنابر، وسنذكره في ترجمته عند مقتله.

وليحيى بن زكرويه صاحبِ هذه الترجمة شعرٌ منه: [من الوافر]


(١) زرقه بمزراق، أي: رماه بها، والمزراق: رمح قصير. اللسان: (زرق).
(٢) هذه الزيادة من تاريخ الطبري ١٠/ ٩٦، وترجمة يحيى ليست في (ت م ١).