للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثامنة من النبوة]

وفيها كتبت قريش الصحيفة بينها وبين بني هاشم.

واختلفوا في سببه على أقوال:

أحدها: أنه لما أسلم حمزة وعمر ﵄ شق ذلك على كفار قريش، واتفقوا على أن يكتبوا كتابًا يتعاهدون فيه ويتعاقدون، أنهآلا ينكحون إلى بني هاشم وبني المطلب، ولا يبايعونهم ولا يكلمونهم.

والثاني: أنه لما بلغ قريشًا فعل النجاشي بجعفر وأصحابه، وإكرامه إياهم، وردّه عَمرًا وصاحبه خائِبَينِ، شق ذلك عليهم، وكتبوا الصحيفة.

والثالث: أنه لما فَشا الإسلام في القبائل، كتبوا الصحيفة، والذي كتبها منصور بن عكرمة بن [عامر بن] هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار فشلَّت يده، وقيل: كتبها بغيض بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار (١) فيبست يده حين كتبها، وبقيت أيامًا عند أم الجُلاسِ خالة أبي جهل، وهي التي يقال لها: الحنظلية، وقيل: بل كانت عند أسماء بنت مُخَرِّبة أم أبي جهل، ثم أخذها المطعم بن عدي فأقامت عنده أيامًا، ثم علقوها في الكعبة، ولما رأت بنو هاشم ذلك انحازوا إلى الشِّعب المعروف بِشِعْب بني هاشم بمكة، ودخل معهم بنو المطلب، ولم يتخلف عنهم سوى أبي لهب، فأقاموا إلى السنة العاشرة من النبوة (٢).

قال ابن عباس ﵁: حصرونا في الشِّعب، وقطعوا عنا الميرةَ والمادة حتى كان صبياننا يتضاغَوْن جوعًا، يُسْمَعُ ذلك من وراء الشعب حتى مات منا قوم.

وحكى الطبري: أن أبا جهل بن هشام لقي حكيمَ بن حزام ومعه غلام يحمل حِنْطةَ، وما كان يُحمل إليهم شيءٌ إلا سرّا من قريش، وكان حكيم يريد بالطعام عمته


(١) وهو كذلك في "نسب قريش" ص ٢٥٤، و"جمهرة النسب" ص ٦٦.
(٢) انظر "سيرة ابن هشام" ٢/ ٣، و"الطبقات الكبرى" ١/ ١٧٧.