للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دكاك باب النّوبي، وبات أستاذ الدَّار ابنُ جَهِير، وصاحب الدِّيوان أبو الرِّضى، وصاحب الباب ابن الصَّاحب في صحن السلام، وأُقيم الحَرَسُ في الليل على الأبواب، وأصبح الناس حُفَاة، والنِّساءُ منشراتِ الشُّعور، يَلْطِمْنَ ويَنْشُدْنَ الأشعار التي تُنْشَدُ في المآتم، وقَعَدَ أربابُ الدولة في العزاء ثلاثةَ أيام [وفي اليوم الثَّالث] (١) أقيموا من العزاء، وأُمروا أن يحضروا البيعة.

الباب الثلاثون في خلافة الرَّاشد بالله أبو جعفر منصور بن المسترشد

وأمه خشف أم ولد، وكان أبوه قد نَصَّ عليه، فلما قُتِلَ أبوه بمَراغة كان هو ببغداد، فكتبَ مسعود إلى بكبة الشِّحْنة نائبه ببغداد، يأمره بالاجتماع بأرباب الدَّوْلة والأعيان، ويبايعوا الرَّاشد، فجاء بكبة ليدخل دار الخليفة فَمُنِعَ، واستقرَّ أَنْ يبايعَ من وراء الشُّبَّاك من ناحية الشَّطِّ، وجَلَسَ الرَّاشد في المثمَّنة التي بناها المقتدي في الشُبَّاك، وبايعه بكبة من وراء الشُّبَّاك يوم الاثنين سابع وعشرين ذي القَعدة، وحَضَرَ القُضاة، والعُدول، والأشراف وأربابُ الدولة، وبايعوا على طبقاتهم، وكان أبيضَ جسيمًا، وبين يديه أولادُه وإخوته.

ونُودي في النَّاس برَفْع المظالم، والأَمْرِ بالمعروف، والنَّهْي عن المنكر، فلمَّا كان بعد ثلاثة أيَّام أظهر أكياسًا فيها حُجَج على النَّاس ووثائق، وما كَتَبَ عليهم ابنُ الهاروني، فَرَدَّها على أربابها، وأشهد عليهم الشُّهودَ أَنَّهم قد أبرؤوا أميرَ المؤمنين مما أَخَذَ منهم، وَرَدَّ عليهم الأموال، فكَثُرَ الدُّعاء له، وحضر قاضي بعقوبا فتظلَّم، وقال: لي وثائق، وما ظلمني أمير المؤمنين، وإنما ظلمني ابنُ الهاروني. ورُفِعَ قوله إلى الرَّاشد، فأمر بعَزْله. وقال: هذا قد كَذَبَ فَفَسَقَ، لأَنَّ ابنَ الهاروني ما أخذ شيئًا إلا بأمر المسترشد.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).