للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزل قاضيًا حتى قَبَضَ عليه ابن كنْدَاج أميرُ البصرة، لوَحْشَةٍ كانت بينهما في بعض نكباتِ المقتدر لابن الفُرات، وما كان الأحوصُ يلتفتُ إلى ابن كنداج ويعارضُه في قضاياه، ولا يركبُ إليه، ويكتب ابن كنداج إلى ابن الفرات يشكوه، فيجيبه بالصواعق، فلمَّا نُكِبَ ابنُ الفراتِ حبسَه ابنُ كنداج وضيَّقَ عليه، فأقام في السجن مدة ثم مات.

قال الخطيب: ولا نَعلمُ قاضيًا ماتَ في السجن سواه! روى عن أبيه كتاب "التاريخ"، وروى عنه جماعة (١).

[عبد الله بن محمد]

ابن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان والي الأندلس، وأمُّه أم ولد، يقال لها: عشار.

بويع في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين في السنة التي توفي فيها أخوه المنذر في أيام المعتمد.

وكان زاهدًا عابدًا ورعًا تاليًا لكتاب الله، قائمًا بحدوده، بنى السَّاباط بقُرطُبة، والتزم الصلوات الخمس بالجامع إلى جانب المنبر حتى مات، وكان في أيَّامه المتغلبون من كلِّ ناحية والفتن، وله غزواتٌ مشهورة، منها غزاة بلي التي أنست كلَّ غزاةٍ تقدَّمتها، وذلك لأنَّ المرتد ابن حَفْصون حاصرَ حصنَ بَليّ في ثلاثين ألفًا، وبلغ عبد الله فخرج إليه من قرطبة في أربعة عشر ألفًا من أهلها خاصَّة، وأربعة آلاف من حشمِه وخواصه، فبرزَ إليه ابن حفصون في سفحِ جبلٍ بالأندلس فيه الحصن، فصدمه عبد الله صدمةً ولَّى مدبرًا، وتبعه عبد الله قتلًا وأسرًا، فلم يفلت منهم أحدًا، وكانت وفاته غرَّة ربيع الآخر (٢)، وأيامه خمسًا وعشرين سنة وستة أشهر وأيامًا، وولي ابنُ ابنه


(١) انظر ترجمته في تاريخ بغداد ٧/ ٥٢١ - ٥٢٣، والمنتظم ١٣/ ١٣٣، ولم ترد هذه الترجمة والتي بعدها في (ف) و (م ١).
(٢) كذا في (خ) وسير أعلام النبلاء ١٤/ ١٥٦. وفي تاريخ علماء الأندلس ص ٦، وجذوة المقتبس ١/ ١٢ أنه توفي مستهل ربيع الأول.