القضاة أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني وغيره]، وأجمعوا على حفظه وفضله وصدقه وثقته ودينه.
[السنة الثانية والأربعون وأربع مئة]
فيها من العجائب أنه اصطلح السُّنَّة والشِّيعة، وصارت كلمتُهم واحدة، وسببه أن السلطان وَلَّى شُرط بغداد من الجانبين أبا محمد بن النَّسَوي الذي ذكرنا أنه كان يقتل الناس في داره، وكان فاتكًا، [فلمَّا ولَّاه السلطان] اجتمع أهلُ باب البصرة والكَرْخ وتلك المحالُّ التي كان يجري بينهم القتال على أنه متى عبر إليهم ابن النَّسوي قتلوه وأحرقوا الجانب الغربيِّ وانصرفوا، واجتمعوا وتحالفوا، وأُذنَ في باب البصرة بحيَّ على خير العمل، وقُرئ في الكَرْخ فضائل الصحابة، وترحَّموا عليهم، ومضى أهل السُّنَّة والشيعة إلى مقابر قريش، واجتمعوا عند موسى بن جعفر، وقُرئ بباب البصرة فضائلُ أهل البيت، وخرج أهلُ باب البصرة والكَرْخ وتلك المحال إلى زيارة المشهدين الحائر والكوفة، وهذا من العجائب، فإن الفتنَ كانت قائمةً، والدماء تُسفَك، والأموال تُنهَب، وكان الملوك والخلفاء يعجزون عن رذهم، وإنما حملهم على ذلك بُغْضُ ابن النَّسوي، وعند الحفائظ تذهب الأحقاد، فلمَّا كان يومُ [عيد] الغدير أقبل أهلُ المحالِّ بالأعلام المذهبة والبوقات والطبول، واختلط الفريقان [السُّنَّة والشيعة والدَّيلم والأتراك]، وجاء أهل نهر القلَّائين وبين أيديهم رايةٌ سوداء، عليها مكتوب اسم الخليفة، والدَّبادب بين يديها، فمرُّوا بالكَرْخ، فنثر عليهم أهلُ الكَرْخ الدنانيرَ والدراهم، وكذا فعل أهل باب البصرة، [وخرج معهم من أهل السُّنَّة إلى زيارة المشهدين الحائر والكوفة من لم تجْرِ له عادةٌ بالخروج].
وفيها وصل الغُزُّ إلى نيسابور والأهواز، فقتلوا مَنْ كان بهما من الدَّيلم والترك، فاضطربت بغداد، وراسل الخليفةُ طُغْرُلْبَك، وهرب أهل البصرة وواسط إلى بغداد.