للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقطع الجِسْرَ، ولم يمكّن معقل بن قيس من العبور، ثم مكَّنهم بعد ذلك (١)، والتقَوْا على المذار (٢)، فقال المُسْتَوْرِد: شُدُّوا عليهم ولا تمكّنوهم من تعبئة الخيل، فشَدُّوا عليهم، فانهزم بعضُ أصحاب معقل، فترجَّلَ مَعْقِلٌ وترجَّل مَن كان معه، وقاتل قتالًا شديدًا وحجز بينهم الليلُ، وأبسلوا أيَّامًا، وأخَّر أمرَهم أنَّ معقل بن قيس والمستورد بن عُلَّفَة مشى كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبه، وبيد المستورد رمحٌ، وبيد معقل بن قيس سيف، فطعن المستوردُ مَعْقِلًا في صدره، فخرج السِّنانُ من ظهره، وضربه معقل بالسيف على رأسه، فخالط أُمَّ دِماغه، فخرَّا مَيِّتَين، وقُتِل باقي الخوارج.

وفي رواية أن الواقعة كانت بجُرْجان، وأَنَ الخوارج مَضَوْا إلى ساباط، ولحقهم مَعْقِلٌ وفي مقدّمته أبو الروَّاغ، ولحقه معقل في سبع مئة من الأبطال، فنادى المستورد: يا معقل، ابرز إِليَّ. فبرز إِليه، فحمل عليه، فطعنَه بالرُّمح، وضربه مَعْقِل بالسيفِ، فَخَرَّا مَيِّتَين. فهذا ما انتهى إلينا. والله أعلم (٣).

وحجَّ بالناس في هذه السنة -على ما قيل- مروانُ بنُ الحَكَم. وكان واليًا على المدينة، وعلى مكةَ خالد بنُ العاص بن هشام، وعلى الكوفة المغيرة بنُ شعبة، وعلى قضائها شُرَيْح بن الحارث، وعلى البصرة وفارس وخُراسان وسجستان عبدُ الله بنُ عامر، وعلى قضائها عمرو بن يثربي (٤).

وفيها توفي

[عبد الله بن سلام]

الإسرائيليّ، ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من الأنصار، وقال (٥): كنيته أبو يوسف، وكان اسمه الحُصين، فلما أَسلم سمَّاه رسولُ الله عبدَ الله. قال: وهو


(١) لم أقف على هذا المعنى، والذي في "تاريخ" الطبري ٥/ ١٩٤ أن معقل بن قيس نزل باب مدينة بَهُرَسير ولم يدخلها، فخرج إليه سماك بن عُبيد، فسلّم عليه، وأمر غلمانه ومواليه، فأتوه بالجزر والشعير والقتّ، فجاؤوه من ذلك بكل ما كفاه وكفى الجند الذين كانوا معه.
(٢) بين واسط والبصرة، بينها وبين البصرة أربعة أيام، وفيها قبر عبد الله بن علي بن أبي طالب. معجم البلدان ٥/ ٨٨.
(٣) ينظر "تاريخ" الطبري ٥/ ١٨١ - ٢٠٩، والخبر فيه مطوّل جدًّا، والمنتظم ٥/ ٢٠١ - ٢٠٦. ومن قوله: وفيها اجتمع المستورد بن عُلَّفَة بالخوارج ص ٤٢ … إلى هذا الموضع، ليس في (م).
(٤) تاريخ الطبري ٥/ ٢١١.
(٥) طبقات ابن سعد ٥/ ٣٧٧.