للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها تُوفِّي

تُتُش بن ألب أرسلان

محمَّد بن داود بن ميكائيل، أبو سعيد، تاج الدولة، كان مقيمًا بالشرق، فاستنجده أتْسِز الخُوارَزمي صاحب الشَّام، فقدم دمشق سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة، فقَتلَ أتْسِز، واستولى على دمشق، وامتدَّت أيامه، وهو الذي قتل آق سنقر وبُزان، وسار إِلَى الشرق وملك هَمَذان، وكان ابنُ أخيه بركياروق بالري قد حشد وجمع ثلاثين ألفًا، وتُتُش فِي خمسة عشر ألفًا، فالتقوا على الري يوم الأحد سابع [عشر (١)] صفر هذه السنة، وكان تُتُش فِي القلب مقابل بركياروق، وكان لمَّا قُتِلَ آق سنقر وبُزان أخذ جماعةً من الأمراء فقتلهم بين يديه صبرًا، وكان بكجور من أكابر الأمراء، فقتل أولاده [بين يديه] صبرًا، وأفلت إِلَى بركياروق، وكان تُش قد نادى فِي عسكره قبل المصاف بيوم: مَنْ ظفرتم به من عسكر بركياروق فاقتلوه، ومن بقي بعد الحرب فأنا أقتله. فاستشعر العسكر منه، فلمَّا التقوا على الري استأمن أكثرُ عسكر تُتُش إِلَى بركياروق، وجاء بكجور إِلَى بركياروق وهو يبكي على أولاده، فقال: قد قتل عمُّكَ أولادي بين يديَّ صبرًا، وأنا قاتله بأولادي لآخذ بثأري. فقال: افعَلْ. فلما نشبت الحرب واختلط النَّاس قصد بكجور تاجَ الدولة فطعنه فألقاه عن فرسه، ونزل [سُنْقُرجه -وكان صاحبَ ثأرٍ-] فحزَّ رأسه. وقيل: رماه مملوك بُزان بسهم فِي ظهره فوقع، فقتلوه وأتوا برأسه إِلَى بركياروق، فطِيفَ به فِي العسكر، وبعث به إِلَى بغداد، وانهزم أصحابُه وأمر بركياروق بالكفِّ عنهم، ونادى بالأمان، وأُسِرَ فخر الملك علي بن نظام الملك وزير تُتُش، فعفا عنه بركياروق لأجل أخيه مؤيد الملك وزيره، وكان المستظهر قد هيَّأ الطيار، وأخذ بالحزم، وأعدَّ السفن، ونقل إليها أمواله وأهله لينحدر إِلَى الأهواز، وخرج عميد الدولة إِلَى حِلَّة صدقة خوفًا من ظهور تُتُش، فجاء - من لُطفِ الله - ما لم يكُنْ فِي الحساب، فقُتِلَ تُتُش، وطيف برأسه فِي إقطاع بغداد، ثم وُضِعَ فِي خزانة الرؤوس، وعاد ابنُ جَهير ووضع الرأس بين يديه، فقال أبو الفضل عطية يخاطبه: [من البسيط]


(١) ما بين حاصرتين هنا وفي الموضع الآتي من (ب).