للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر تسميته بعبد المطلب]

قال هشام: أقام عبد المطلب في أخواله مُكرَّمًا، فبينا هو يناضل الصبيان ويقول: أنا ابن هاشم، فسمعه رجل من قريش فقدم مكة، فقال للمطلب: إني مررت بدور بني قَيْلَةَ، فرأيت غلامًا يعتزي إلى أخيك، وما ينبغي تركُ مثله في الغُرْبَةِ. فرحل إلى المدينة في طلبه، فلما رآه عوفه ففاضت عيناه، وضمه إليه، وأنشد يقول: [من البسيط]

عرفتُ شيبةَ والنَّجارُ قد جَعَلَت … أبناؤها حَوْله بالنَّبْلِ تَنْتَضِلُ

عَرفْتُ أجلادَه فينا وشيمَته … فَفاضَ منِّي عليه وابلٌ هَطِلُ

فركب المطلب، فلما قدم يثرب أردفه على راحلته، فقال: يا عم ذلك إلى الوالدة، فجاء إلى أمه وسألها أن ترسل به معه، فامتنعت، فقال لها: إنه يمضي إلى مُلْك أبيه وإلى حرم الله، فأذنت له فقدم به مكة، فقال الناس: هذا عبد المطلب؟ فقال: ويحكم، إنما هو ابن أخي هاشم. وروي غير ذلك (١).

ولما قدم المطلب بشيبة مكة، أقام عنده حتَّى ترعوع، فسلَّم إليه ملك هاشم من أمر البيت، والرِّفادة، والسقاية، وأمرَ الحجيجِ، وغير ذلك (٢).

وكان المطلب شريفًا مُطاعًا، وكانت قريش تسميه: الفيَّاض لسخائه، وهو عَقَد الحلف بين النجاشي وبين قريش، فلما أدرك عبد المطلب، خرج المطلب إلى اليمن تاجرًا، فتوفي بمكان يقال له: رَدْمان (٣)، فولي شيبة مكانه، وكان للمطلب من الولد: الحارث، وهاشم، ومَخرَمَة، وعبَّاد، وأُنيس، وأبو عمرو، وأبو رُهم الأكبر، وأبو عمر (٤)، ومحصن، وعلقمة، وبناتٌ.


(١) انظر "الطبقات الكبرى" ١/ ٦٣ - ٦٤، و"أنساب الأشراف" ١/ ٧٤ - ٧٥، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٢٤٧ - ٢٤٨ و"المنتظم" ٢/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) انظر "السيرة" ١/ ١٣١، و"الطبقات الكبرى" ١/ ٦٤، و"المنتظم" ٢/ ٢٠٧.
(٣) في النسخ: "رمدان" والمثبت من "الطبقات" ١/ ٦٤، وانظر "معجم البلدان" ٣/ ٤٠.
(٤) في "ك": "أبو عمران"، وانظر "نسب قريش" ص ٩٢.