للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة العشرون وأربع مئة]

فيها وقع بالعراق بَرَدٌ في الواحدة مئةٌ وخمسون رطلًا، كانت كالثور النائم، ونزلت في الأرض مقدار ذراع.

وفيها قَبَضَ جلالُ الدولة على وزيره عميد الدولة، وبعث إلى القادر يقول: أرسِلْ من يتسلَّمه. فقال القادر: وكيف بأيماننا التي حلفناها له؟ هذا ممَّا لا يجوز فِعْلُه، والصوابُ إطلاقُه. فلم يفعل، فركب الأتراكُ إلى دار المملكة وهجموها، وصاحوا، واجتمع الناسُ، فخرج الملكُ والوزيرُ معه، فقالوا له: قد عَدلْتَ أيُّها الملكُ عمَّا كنتَ قررَّته معنا في الإحسان إلى هذا الوزير، ولم تَفِ بيمينك التي حلفْتَ. فقال: إنما أمسكتُه عندي ليقوم لكم بمالكم، ولأفاوضه في أمورٍ. فجذبوه من يدِه، وعبروا به إلى داره بالجانب الغربيِّ، واستبشر الجندُ والرعيةُ بخلاصه؛ لأنه كان محسنًا إليهم، وطالبوه بالمال، فقال: أجِّلوني أيامًا وأحمِلُه إليكم. فدَعَوا له، وجلسَ في داره، وأصبح الجندُ والإسْفَهسلارية، فراسلوا الملك بأن يخرج إلى واسط ويُقيم بها ليجمع المال، فإن العرب قد استولوا على البلاد، فأرسل إليهم: لا بُدَّ من الاجتماع بأكابركم لنُقرِّرَ الأحوال، فاستشعروا منه، وبلغهم أنَّه قد استمال الأصاغِرَ من التُّركِ، وقد اتَّفقوا على الأكابر، فراسلوه في ذلك، فأنكر وحلف، فصدَّقوه، وشرع الوزيرُ في مصادرات الكُتَّاب والحُجَّابِ، ومات جماعةٌ منهم تحت الضرب، وخلع الملكُ على الوزير خِلْعةً الوزراء؛ ليمحوَ آثارَ ما فعلَ من اعتقاله.

وفيه فسدَ الحالُ بين قِرواشٍ صاحبِ الموصل وأبي نصر بن مروان صاحبِ ميَّافارقين، وسببُه أنَّ قِرواشًا زوَّج ابنتَه أبا نصرٍ، وحملَها إليه، فأقامت عنده مدةً فأضارها وهجرها، فكتبت إلى أبيها تطلب نقلها إليه، فنقلها، ثم كتب أبو المنيع إلى نصر يطلب صداقَها عشرين ألف دينار، ويطلب منه نَصيبين، وجمعَ جمعًا كبيرًا [من الأكراد وغيرهم، ونزل برقعيد] (١) بمرج الروم، وبعث قِرواشٌ فحاصر نَصيبين، فقاتله مَنْ بها، وطال عليه الأمرُ، وضاقت به المِيرةُ، فقال أبو الحسن بن الجُلْبان


(١) ما بين حاصرتين من (ف).