للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنَ مسعود، والصلاةَ المغيرة بنَ شُعبة، وكان مجاشعٌ بناحية الفُراتِ، والمغيرةُ بالبصرةِ، وقال له عتبةُ: إذا قَدِم مجاشع فهو الأمير.

وكان بنواحي العراق مَرزبان عظيم يقال له: الفلتان (١). فلما قَفل عُتبةُ عن البصرةِ سار الفلتان إليها في جمع عظيمٍ من الفُرسِ، قبل وصول مجاشعٍ، فخرج إليه المغيرةُ، فهزمه وغَنِم عسكرَه، وكتب إلى عمر بالفتح، فقال عمر لعُتبة وقد اجتمعا بمكَّة: مَن استعملتَ على البصرة؟ فقال: مجاشعًا، فقال له عمر: أتستعملُ رجلًا من أهل الوَبر على أهلِ المدَر؟ أهل علمتَ ما جرى؟ وأخبره الخبر، فلما قضى مناسِكَه قال له عمر: ارجع إلى عملِكَ، فسار من مكة يُريدُ البصرة، حتى إذا كان بالفَرَعِ -وقيل بالمعدِن- وَقَصَتْ به ناقتُه فمات، وسنذكره في آخر السنة.

فصل: وفي هذه السنة أقام عمر التّراويحَ للناس، وأمرهم بها في المساجد في شهر رمضان بمجمعٍ من الصحابة.

وقد ذكرنا أن رسول اللَّه صلّى في رمضان ثلاث ليالٍ أو أربعَ ليالٍ ركعتين بعد العشاء، ثم امتنع وقال: "خشيتُ أن تُكْتَب عليكم" (٢).

وتُوفي رسولُ اللَّه والأمرُ على ذلك، وكذا خلافةُ أبي بكرٍ، وصدر من خلافة عمر، فحكى البخاري (٣)، عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: خرجتُ مع عمر بن الخطاب ليلةً إلى المسجدِ، فإذا الناسُ أَوزاعٌ متفرّقون، يُصلّي الرجلُ لنفسه، ويصلّي الرجل فيصلي بصلاتهِ الرَّهطُ، فقال عمر: لو جَمعتُ هؤلاء على قارئٍ واحد لكان أمثل، فجمعهم على أُبيّ بن كعب.

قال: ثم خَرجتُ معه ليلةً أُخرى والناس يُصلّون بصلاةِ قارئهم، فقال عمر: نِعم البدعةُ هذه، والتي ينامون عنها أفضلُ من التي يقومون، يُريدُ آخِرَ الليل، وكان الناس يقومون أوَّله.

وكتب عمر إلى الأمصار بإقامةِ التَّراويح.


(١) في الطبري ٣/ ٥٩٥: الفيلكان.
(٢) أخرجه أحمد (٢٥٣٦٢)، والبخاري (٢٠١٢)، ومسلم (٧٦١) من حديث عائشة .
(٣) في صحيحه (٢٠١٠).