للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثًا، ثم نام فرأى رسول اللَّه في المنام، فقال له: ائتِ عمر، وقُل له: عهدي بك وأنت شديدُ العهد والعَقْدِ، الكَيْسَ [الكَيْس]، فجاء عمَر فأخبره، فصعِد المنبر وقال بمعنى ما ذكرنا، ففطِنوا، وقالوا: إنما استبطأك في الاستسقاء لنا، فاخرج إلى المُصلَّى، فخرج إلى المُصلَّى فصلى ركعتين واستسقى.

وقال ابن سعد بإسناده عن الشعبي: أنَّ عمر خرج يستسقي، فقام على المنبر وقرأ هؤلاء الآيات: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾ [نوح: ١٠] ثم نزل، فقيل له: ما منعك أن تَستسقي؟ فقال: قد طلبتُ المطرَ بمَجاديح السَّماء التي ينزل بها القَطْرُ (١)، ومَجاديح السماء: أنواؤها.

وقال الواقدي: فقيل إنَّه أخذ بيد العباس وخرجا ماشيَين، وعبدُ اللَّه بن العباس معهما، فصَعِد عمر المنبر، ووقف بين العباس وابنه، ولزم بعَضُد العباس وقال: اللهمَّ إنَّا كنَّا نتوسَّلُ إليك بنبيّك فتَسقينا، ونحن نتوسَّل إليك بعمِّ نبيّك، ثم قرأ: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾ الآيات [نوح: ١٠].

وقال ابن إسحاق: فما وصلوا إلى بُيوتهم إلا وهم يخوضون في الماء، فقيل لعمر: قد اختصرتَ في الدُّعاء، هلّا قلتَ: غيثًا مُغيثًا؟ فقال: لقد استسقيتُ بمَجاديح السماء، وذكره.

ثم قَدِمت السُّفنُ من مصر من عمرو بن العاص، فيها الحنطةُ والأطعمة، وبعث أبو عبيدة بأربعة آلاف راحلةٍ من الشام، وبُعث إليه من العراق، وعاش الناسُ.

وهل كان هذا قبل طاعون عَمْواس أو بعده؟ فيه قولان.

وقال هشام: أوَّل ما قدم عليه طعامُ أبي عُبيدة في أربعةِ آلاف راحلة، فأمر له بأربعةِ آلافِ درهم، فلم يقبَلْها وقال: إنما أردتُ وجهَ اللَّه، فلا تُدخل عليَّ الدنيا، فقال عمر: لا بأس، فقد جرى لي مع رسولِ اللَّه مثل هذا، وذكر الحديث، فأَخَذها.

فصل: وفيها فُتحت حرَّان والرُّها وعينُ وَرْدة بالخابور، بعد غاراتٍ كثيرةٍ، وصالحوهم على صُلح دمشق.


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٩٨.