للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البراء: لكن رسول الله لم يفِرَّ؛ كانت هوازن ناسًا رُماةً، وإنّا لما حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم فاستقبلونا بالسِّهام، ولقد رأيت رسول الله على بغلته البيضاء وإن أبا سفيان بن الحارث آخذٌ بلجامها، ورسول الله يقول: "أنا النَّبيُّ لا كَذِبْ أَنا ابْنُ عَبدِ المُطَّلِبْ". أخرجاه في "الصحيحين" (١).

وقال سلمة بن الأكوع: لما غَشَوا رسول الله نزل عن بغلته ثم قبض قَبْضةً من الأرض واستقبلهم بوجهه وقال: "شاهت الوجوه" فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ الله عينيه ترابًا بتلك القبضة، فولوا منهزمين، وقسم رسول الله غنائمهم بين المسلمين (٢).

وقال البلاذري: قال العباس : كنت آخذًا يومَ حنين بحكمَة بغلةِ رسول الله ، وأقبل نفر من كِنانة يريدونه فدنا منه أحدهم، فاحتضنت الرجلَ وصحت بأقرب موالي رسول الله إليَّ وقلت: اضربه ولا تتق مكاني ولا تُبالي أَيَّنا قُتِلَ، فقتله المولى، ثم جاء آخرُ يريدُه ففعلت به كذلك، حتى قتلنا ستة أنفس من القوم، فقبَّل رسول الله وجهي.

وفي يوم حنين يقول العباس: [من الطويل]

نصرنا رسولَ الله في الحرب سبعة … وقد فرَّ من قد فرَّ عنه فأقشعوا

وثامِنُنا لاقى الحِمامَ بسَيْفِهِ … بما مسَّه في الله لا يتوجع

يعني نفسه وابنه الفضل وعلي بن أبي طالب وأبا سفيان بن الحارث وأسامة بن زيد وأبا رافع وأيمن بن أم أيمن (٣).

ذكرُ أقوالِ أهلِ الأضْغَانِ:

قال أبو سفيان بن حرب: ما تَنْتهي هزيمتهُم إلاّ إلى البحر، وأخرج الأزلامَ من كِنانتهِ يستقسم بها، فقال له رجل مِن أَسلم يقال له أبو مغيث: أما والله لولا أني سمعت


(١) أخرجه البخاري (٤٣١٧)، ومسلم (١٧٧٦).
(٢) أخرجه مسلم (١٧٧٧).
(٣) المذكورون هنا سبعة فقط، والثامن اختُلف فيه، انظر أنساب الأشراف ٣/ ٧ - ٨، والاستيعاب ١/ ٢٤٥.