للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي يوم الأربعاء سادس ذي القعدة دخل قاضي القضاة عبد الله بن معروف من فارس إلى بغداد، وتلقَّاه الناس، وفيه قَبِلَ شهادةَ الدارقطني وأبي محمد بن عقبة ومحمد بن عبد الله الملقَّب براهويه، وندم الدارقطني على شهادته، وقال: كان يُقبَل قولي على رسول الله بانفرادي، فصار لا يُقبَل قولي على بقلي إلَّا مع آخر.

وفيها ردَّ شرف الدولة على الشريف أبي الحسن محمد بن عمر ما كان أخذه عضد الدولة، وأعطاه ضِياعه وعقاره، فعادت نعمتُه كما كانت، وكان مَغلُّ ضياعه في كل سنة ألفي ألف درهم وخمس مئة ألف درهم. وردَّا أيضًا على الشريف أبي أحمد الموسوي أملاكَه، وعلى جميع المُصادَرين في أيام عضد الدولة، وعفا عن المصادرات، ورفَعَ الجميع، وكتب إليه بعضُ أرباب السعاية مَدْرجًا طويلًا، فجعله في بعض مجالِسه، ثم طلبه بعد ذلك، فأُخبِر أن غزالًا دخل من البستان فأكله وأبقى منه قطعةً، وأخبِر، فقال: كفانا الغزالُ مؤنة إحراقِه، ولقد كنتُ على هذا العزم، فلعَنَ اللهُ الشرَّ وأهلَه، فانختمت المواد، وأحبَّه الناس ومالوا إليه].

وفيها تُوفِّي

[الحاكم بن عبد الرحمن]

ابن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان والي الأندلس [وقد ذكرنا أن أباه عبد الرحمن مات في أيام المطيع في سنة خمس وثلاث مئة، وولي الحكم يوم مات أبوه سنة خمسين وثلاث مئة، وكنيته أبو العاص، ولقَّب نفسَه المستعين (١)، وأقام واليًا خمسًا وعشرين سنة، ومات في صفر، وأمُّه أمُّ ولد يقال لها: مُرجان، وكان مُحِبًّا للعلماء والعلم، وجمع من الكتب ما لم يجمعه أحدٌ من ملوك العرب، لا قبلَه ولا بعدَه، وكان صالحًا ورعًا؛ قطَعَ جميع كروم الأندلس احترازًا من عصير الخمر، وكتب إلى العزيز صاحب مصر كتابًا هجاه فيه وأهلَه، وأنه دَعِيٌّ في نسبه، وأن جدَّه القدَّاح الباطني، وكتب في أوَّله: [من الطويل]


(١) في (م) و (م ١): المستنصر.