للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل: وفيها توفي]

أعشى هَمْدان

واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث، [وكنيته] أبو المُصَبَّح الكوفي الهَمْداني، كانت أخت الشعبيّ تحته، وأختُه تحت الشعبي.

وكان الأعشى قارئًا لكتاب الله تعالى، فقيهًا، فترك ذلك واشتغل بالشعر.

[وحكى الهيثم عنه] قال: رأيت في المنام كأني دخلت بيتًا فيه حِنطة وشَعير، [فقبضتُ بيدي اليمنى على الحنطة، والأخرى على الشعير، فقصصتها على الشعبي، وفي رواية:] فتركتُ الحِنطةَ وأخذتُ الشعير، فقال له الشعبي: لئن صدقتْ رؤياك لتَسْتَبدِلَنَّ القرآن بالشعر (١)، [ويقال: إنه نسي القرآن وقال الشعر.

ذكر طرف من أخباره:

وهو أعشى هَمْدان، قال الجوهري: والأعشى هو الذي لا يبصر بالليل، ويبصر بالنهار] (٢).

وقد ذكرنا أنه خرج مع ابن الأشعث، قال المبرّد: أُتي الحجاجُ بأعشى هَمْدان، فقال له: يا عدوَّ الله، الحمد لله الذي مَكَّنني منك، وشفى صدري، ألست القائل: [من الرجز]

إن ثَقيفًا منهم الكَذّابانْ … كذَّابُها الماضي وكَذَّابٌ ثان

وذكر الأبيات، ألستَ القائل في ابن الأشعث: [مجزوء الكامل]

يابن الأَشَجِّ قَريعَ كِنْـ … ـدَةَ لا أُبالي فيك عَتْبا

أنت الرئيسُ ابنُ الرئيـ … ـس وأنت أعلى الناسِ كَعْبا

نُبِّئْتُ حَجّاجَ بنَ يو … سفَ خَرَّ من زَلَقٍ فتَبَّا

فانهضْ هُديتَ لعلّه … يَجلو بك الرحمنُ كَرْبا

يا عدو الله، بل ابن الأشعث خرَّ من زَلَقٍ فتَبّ، وجار وانْكَبّ، وما لقي ما أَحَبّ، ورفع بها صوتَه، وارْبَدَّ وَجهُه، واهتزَّ مَنكِباه، فلم يَبقَ في المجلس إلا مَن أهَمَّتْه نفسُه، فقال الأعشى: بل أنا القائل: [من الطويل]


(١) كذا، والجادة: لتستبدلَنَّ الشعر بالقرآن.
(٢) "الصحاح" (عشى ٦/ ٢٤٢٧)، وما بين معكوفين من (ص).