للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر وثوب نَوْفل بن عبد مناف على أخيه شيبة (١):

ولما مات المطلب، وثب نوفل على أركاحٍ (٢) لشيبةَ فغصبه إياها، فسأل عبد المطلب رجالًا من قومه النُّصرةَ على عمه فأبوا، وقالوا: لا ندخل بينك وبين عمك، فكتب إلى المدينة إلى أخواله من بني النجار يذكر ما فعل به عمه نوفل، وقال: [من السريع]

من مُبلغٌ قومي على بُعدِهم … أنيَ منهم وابنُهُمْ والخميسْ

بأنَّ عمي نوفلًا قد أبَى … إلَّا التي يُغضي عليها الخسيسْ

وقال هشام بن الكلبي: إنه كتب أبياتًا منها: [من البسيط]

يا طُول لَيْلي لأحزاني وأَشْغالي … هَل منْ رسولٍ إلى النَّجار أَخْوالي

يُنبي عَديًّا ودينارًا ومازِنَها … ومالِكًا عِصْمةَ الجيرانِ عن حالي

قد كنتُ فيهم وَما أَخْشَى ظُلامةَ ذي … ظُلْم، عزيزًا مَنِيعًا ناعمَ البالِ

حتَّى ارتحلْتُ إلى قَوْمي وأَزْعَجَني … لذَاكَ مُطَّلِبٌ عمي بتَرْحالي

فغاب مُطَّلِبٌ في قَعْرِ مُظْلِمةٍ … ثم انبرى نَوْفَلٌ يعدو على مالي

أَأنْ رَأَى رجلًا غَابَتْ عمومتُه … وَغَاب أَخوالُه عنه بلا والِ

أَخْنَى عليه ولم يحفظ له رَحِمًا … ما أمنع المرءَ بين العمِّ والخالِ

فاستَنْفِروا وامنعوا ضَيْمَ ابن أختكمُ … لا تَخذُلوه فما أنتم بخُذَّال

فلما وقف خاله أبو سعد بن عدي (٣) النجاري على كتابه بكى، وسار من المدينة في ثمانين راكبًا حتَّى نزل مكة ونزل الأبطح، فتلقاه عبد المطلب وقال له: المنزل يا خال، فقال: لا والله حتَّى ألقى نوفلًا، فقال: تركته في الحِجْر جالسًا في مشايخ قريش، فأقبل أبو سعد حتَّى وقف عليهم، فقام نوفل قائمًا وقال: يا أبا سعد أنعم صباحًا، فقال له أبو سعد: لا أنعم الله لك صباحًا، وسلَّ سيفه وقال: ورب هذه البَنِيَّةِ لئن لم تردَّنَّ على ابن أختي أركاحه لأملأن منك هذا السيف، فقال: قد رددتها عليه، فأشهد عليه


(١) انظر "تاريخ الطبري" ٢/ ٢٤٨ - ٢٥١، و"أنساب الأشراف" ١/ ٧٩ - ٨٠.
(٢) الأركاح: الساحات والأفنية.
(٣) في تاريح الطبري ٢/ ٢٤٩: أبو أسعد بن عدس.