وقال ابن عباس: كان نجَّارًا. وقد ذكره الله في مواضع، قيل: في ثمانية وعشرين موضعًا، فقال في سورة الأعراف: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَال يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩)﴾ [الأعراف: ٥٩].
واختلفوا في ولادته وإرساله: فذكر جدي في كتاب "التبصرة" وقال: ولد نوح بعد وفاة آدم بمئة وست وعشرين سنة، ولما تمَّ له خمسون سنة أرسله الله تعالى (١). وكذا قال الزبير بن بكَّار.
وقال مقاتل: بينه وبين آدم ألف سنة، وبينه وبين إدريس مئة سنة، وبُعث وهو ابن خمسين وثلاث مئة سنة.
وقيل: كان ابن ثمانين وأربع مئة سنة، وكان أبوه لَمْك قد أخبره بالنُّور الذي انتقل إليه وأوصاه فقال: يا بنيّ، لا تتَّبع الأمَّة الخاطئة.
واختلفوا في مقامه على قولين: أحدهما: بالهند، قاله مجاهد. والثاني: بأرض بابل والكوفة، قاله الحسن البصري.
وقال ابن عباس: بعثه الله والكفر قد عم الأرض، ولم يكن في الدنيا من يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، وكانوا يعبدون الأصنام، وهم ذريَّة قابيل وغيرهم، فقال لهم: ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرُهُ﴾ ﴿قَال الْمَلَأُ﴾ يعني: الأشراف والسَّادة، قال الفرَّاء: هم الرجال ليست فيهم امرأة ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الأعراف: ٦٠] أي: في خطأ ظاهر عن الحق ﴿قَال يَاقَوْمِ لَيسَ بِي ضَلَالةٌ﴾ وإنما لم يقل: ليست، لأنَّ معنى الضَّلالة الضلال ﴿وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالمِينَ﴾ [الأعراف: ٦١].
فصل في الرُّسُل والرِّسالة
العرب تقول: أرسلت فلانًا في رسالة فهو مرسَل ورسُول. قال الجوهري: والرَّسول أيضًا الرِّسالة، قال كثيِّر:[من الطويل]