للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمَّد [بن محمَّد] (١)

ابن زيد بن علي بن موسى بن جعفر [بن علي] بن الحسين بن علي بن الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين، الحسيني، ذو الكنيتين، أبو الحسن وأبو المعالي، ولد سنة خمس وأربع مئة ببغداد، وبها نشأ وسمع الحديث [الكثير] (٢)، وسكن سمرقند، وصنَّف فأجاد.

وكانت له دنيا واسعة، فكان يملك نحو أربعين قرية بنواحي كَشّ، وكان يؤدي زكاة ماله، ويتنفَّل بالصدقة، فيبعث إلى جماعة من الأئمة بألف دينار وخمس مئة إلى كل واحد وعشرة آلاف دينار، ويقول: أنا لا أعرف الفقراء، ففرِّقوها أنتم عليهم.

وكان يرجع إلى عقل كامل، وفضل وافر، ودين متين.

ولمَّا اشتهرت عنه هذه الفضائل حسده قاضي سمرقند وما وراء النهر، فقال الخضر بن إبراهيم لك ما وراء النهر: إن له بستانًا ليس للملوك مثله. فبعث إليه: أريد أن أُبصرَ بستانك. فقال للرسول: قُلْ له: أنت تشرب الخمر، وهذا عمرتُه من المال الحلال لأجتمع فيه بأهل الزهد والدين. فأعاد الرسول عليه الجواب، وطلبه فاختفى، فأظهر الخضر أنَّه قد ندم، فظهر الشريف فقبض عليه، واستصفى أمواله وحبسه.

قال بعض وكلائه: فتوصَّلتُ إليه وقلت له: إنه يأخذ مالك بغير اختيارك، فأعطِه ما يريد وتخلَّص. فقال: قد طاب لي الحبس والجوع، وقد كنت أُفكِّر في نفسي منذ مدة وأقول: مَنْ يكون من أهل بيت رسول الله ﷺ لابُدَّ أن يُبتلى في ماله ونفسه، وأنا قد ربيتُ في النعم والدولة، فلعلَّ فيَّ خللًا، فلمَّا وقعت هذه الواقعة فرِحْتُ بها، وعلمتُ أنَّ نسبي صحيحٌ متصلٌ برسول الله ﷺ، فأنا أصبر ولا أفعل شيئًا إلَّا برضا الله تعالى، فمنعوه الطَّعام، فمات وأُخرج من القلعة، فأخذه ولدُه فدفنوه، فقبره ظاهر يُزار.

ورآه أبو العباس الطبري وهو في الجنَّة وبين يديه مائدة موضوعة عليها الطَّعام، قال: فقلت له: ألا تأكل؟ قال: لا، حتَّى يجيء ابني المطهر فإنَّه غدًا يجيء، فانتبهت من نومي، فقُتِلَ ابنُه من وقت الظهر من ذلك اليوم.


(١) المنتظم ١٦/ ٢٧٣، والزيادة الآتية منه ومن النسخة (ب).
(٢) ما بين حاصرتين من (ب) والمنتظم.