للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تركَ الهُوَينا للضعيفِ مَطيَّةً … وسرى إلى العليا بليلٍ مُظْلِمِ

ولقد تحقَّقَتِ العواصمُ أنَّها … إنْ لم تُلِمَّ بقُطْرِها لم تُعصَمِ

حَنَّتْ إليكَ على البِعادِ فشوقُها … شوقُ الرياضِ إلى السَّحابِ المُثْجَمِ

يا رحمةً بُعِثَتْ فاحيَتْ أمةً … قد طال ما مُنِيَتْ بِمَنْ لم يَرْحَمِ

إنَّ الرعايا في جنابِكَ أمَّنتْ … كيدَ الغَشومِ وفتكةَ المُتَغَشرِمِ

ولقد ظَفِرْتَ بما يَعِزُّ مرامُهُ … إلَّا عليكَ فدُمْ عزيزًا واسْلَمِ

كانت تعدُّ من المعاقلِ بُرهةً … وسمَتْ بمُلْكِكَ فَهْيَ بعضُ الأنْجُمِ

مَنْ كُنتَ يا فخرَ الملوكِ ظهيرَهُ … فبناؤهُ في المجدِ لم يتهدَّمِ

والمجد شِنْشِنَةٌ لآل مُسيَّبٍ … ما كلُّ شِنْشِنةٍ تناطُ بأخزَمِ

وفي يوم الاثنين سادس عشر ذي الحجة جرَتْ بمكة فتنة سببها غلام تركي لخطلج أدراز، وجرت بينه وبين أحد السودان من جند مكة مشاجرةٌ في حمام، خرج إليه التركي منها، وثار السودان على خطلج وهو قائم يُصلي عند البيت الشريف، فقتلوا ثمانيةً من أصحابه عند الكعبة، وتلاحقه أصحابُه فاستنقذوه، وقتلوا عشرين أسود، وجاء خطلج إلى الدار التي كان نازلًا بها، وزحف إليه السودان، فقتلوا من أصحابه عشرة، وقتل الغُزُّ من السودان جماعةً، وجاء ابنُ أبي هاشم إلى دار خُطلج، فكفَّ السودان، واعتذر إليه، وبعث إليه خيلًا وثيابًا، وصلحت الحال، وأُقيمت الخطبة في هذه السنة للمقتدي وللسلطان، وكتب ابنُ أبي هاشم كتابًا إلى عميد الملك ابن جَهير بذلك، وعرض فيه بطلب رسومه.

وفيه تُوفِّي

محمد بن محمد بن أحمد (١)

أبو بكر، العُكْبَري، ولد في رجب سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة، وكان فاضلًا، فصيحًا، صدوقًا، تشيَّع، يحكي الحكايات المستحسنة، أنشد: [من الوافر]


(١) تاريخ بغداد ٣/ ٢٣٩، والمنتظم ١٦/ ٢٠٨، والكامل ١٠/ ١١٧، وتنظر بقية المصادر في السير ١٨/ ٣٩٢. وتحرف في (خ) إلى: محمد، والتصويب من المصادر.