للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في هذا اليوم وهو أول يوم من ذي الحجة بدأ معاوية بالقتال، فأخرج إليهم عبد الرحمن بنَ خالد بن الوليد، وذا الكَلاع، وعُبيد الله بن عمر بن الخطاب، وبرز إليهم الأشتر، وحُجر بنُ عديّ، وقيس بن سعد، فتجاولوا ثم انصرفوا.

وكان أمير المؤمنين يُخرج إليهم مَرّةً الأشتر، ومرة حُجر بن عَديّ، ومرة شَبَث بن رِبعي، ومرة زياد بن النَّضرِ الحارثي، ومرة قيس بن سعد، ومرّة مَعقِلَ بن قيس الرّياحي، وكان أكثر القوم إليهم خروجًا الأشتر. وكان معاوية يخرج إليهم مرة أبا الأعور السُّلَمي ومرة حَبيبَ بن مَسلمة الفِهري، ومرة ذا الكَلاع الحِميريّ، ومرة عُبيد الله بن عمر بن الخطاب، ومرة شُرَحْبيل بن السِّمط الكنديّ، فاقتتلوا ذي الحجة كلّه، وربما اقتتلوا في اليوم الواحد مرتين، وربما أقاموا أيامًا لا يقتتلون.

ثالث يوم من ذي الحجة (١)

قال الواقدي: برز حُرَيث (٢) مولى معاوية، وكان إذا لبس سلاحَه لا يشكُّ أحد أنه معاوية، وكان دائمًا يَطلب مبارزةَ أمير المؤمنين، وكان معاوية يَنهاه، فخلا عمرو بن العاص بحَوْشَب وقال له: لو كنتَ قُرشيًّا ما نهاك معاوية عن مُبارزته، ولكنه يَكره أن يَقتُل مولاه ابنَ عمِّه فابرُز إليه، فبرز وطلب المبارزة، فخرج إليه أمير المؤمنين، فقيل له: يا أمير المؤمنين، خَفِ الله وعز على حسبك، أتَبرزُ إلى هذا الكلب؟ فقال: هذا أعظم غناءً عندي من معاوية، ثم حمل عليه علي، وضربه على رأسه بالسيف فقتله، ولما رآه معاوية قتيلًا التفت إلى عمرو وقال: ما أنصفتَه حيثُ أمرتَه بمبارزته، قال: ولمَ؟ قال: لأنك أمرتَه بأمرٍ كرهتَه لنفسك، ثم اقتتلوا يومًا بعد يوم.

[اليوم الثامن عشر]

قال علماء السير: جمع معاوية في هذا اليوم أصحابَه وقال: ما فينا إلا من قَتل عليّ أخاه أو أباه أو ابنَه أو قريبَه، فتعالوا حتى نَجتمعَ اليوم عليه، فقال بعضهم: [من


(١) كذا، ولعل المصنف ذكر أيام صفين، فاختصرت إلى ما ترى.
(٢) في (خ): حوشب، والمثبت من وقعة صفين ٢٧٢، والفتوح لابن أعثم ٣/ ٣٩، وتاريخ دمشق ٤/ ٣٣٠ (مخطوط).