فيها قدم مؤنس الوَرْقانيّ بالحاج سالمين إلى بغداد، وضُربت له القِباب في جانبي بغداد، وكان عددها مئةً ونَيِّفًا وثلاثين قُبَّةً، وسُرَّ الناس بتمام الحجِّ وانفتاح الطريق.
وكان مؤنس لمَّا انصرف من مكة بلغه أنَّ القِرمطيَّ على الطريق، فعدل بالحاجِّ، وتاه في البرية، ووجد آثارًا عجيبةً، وعظامًا مُفرِطةً في الكبر، وصُوَرَ ناسٍ من حجارة، فحمل بعضها إلى الخليفة، فوجد امرأةً على تَنُّور وهي من حَجَر، والتَّنُّور فيه الخبزُ من حجارة (١).
وفيها قبض المقتدر على الوزير سليمان بن الحسن، وكان قد أضاق إضاقةً شديدة، وكَثُرَت عليه المُطالبات، فلمَّا كان يوم السبت لخمسٍ بقين من رجب صار بليق وبشرى إلى دار الوزير بباب المُحَوَّل، وقبضا عليه وعلى أبي القاسم عبيد الله بن محمَّد الكَلْوَذاني معه، فارتاع الكَلْوذاني وجَزع جَزَعًا شديدًا، فلمَّا تقلَّد الوزارة ردَّه إليه، فكانت مدَّةُ وزارة سليمان سنةً واحدةً وشهرين وتسعة أيام.
وكان المقتدر يميلُ إلى وزارة الحسين بن القاسم، فلم يُمكِّنه مؤنس، وأشار بالكَلْوَذاني، فاستحضَره من دار مؤنس، وخلع عليه، وشافَهَه بالوزارة، وأمر علي بنَ عيسى أن يكون على عادته في الإشراف على الأمور مع الكلوذاني.
وفيها كانت وقعةٌ بين هارون بن غَريب وبين مَرْداويج الدَّيلميّ بنواحي هَمَذان، فانهزم هارون، وملك الدَّيلميّ الجَبلَ بأسره إلى حُلْوان.
وفيها استوزر المقتدر الحسين بنَ القاسم بن عبيد الله، وصرف الكَلْوَذاني، وكانت الأموال قد قلَّت، وكَثُرَت النفقات، فكتب الحسين إلى المقتدر رقعةً يقول: أنا أقوم بالنَّفَقات بمبلغ ألف ألف دينار في كلِّ سنة.
وبعث المقتدر بالنفقة إلى الكَلْوَذاني مع طفل الخادم، فقال الكلوذاني: قد يجوز أن يتمَّ لهذا الرجل ما لا يتمُّ لي، وسأله تقليده ولم يعلم مَن هو، واستعفاه.