للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسيب يقول: سمعت يونسَ بن عبدِ الأعلى يقول: كتب الخليفة إلى عبد الله بن وهب] في ولايته القضاء على مصر، فجنَّن نفسه ولزم البيت، فاطَّلع عليه رِشدين بنُ سعدٍ من السطح (١) فقال: يا أبا محمَّد، ألا تخرج إلى الناس فتحكم بينهم كما أمر الله ورسوله؟! فقال له: ويحك إلى ها هنا انتهى عقلُك! أما علمت أنَّ القضاةَ يُحشَرون يوم القيامة مع السلاطين، والعلماءَ مع الأنبياء؟! [وفي رواية: مع النبيين.]

وكانت وفاته بمصر في شعبان. [وروى أبو نُعيمٍ قال:] قُرئ [على عبد الله بنِ وهب] (٢) كتاب فيه أهوالُ القيامة، فخرَّ مَغْشيًّا عليه، فأقام أيامًا لا يتكلَّم بكلمةٍ حتى مات.

أسند عن الثوريِّ ومالك بنِ أنس وشعبةَ وغيرهم.

قاضي جَبُّل

واسمُه عبد الرَّحمن بن مُسْهِر بنِ عمرو، أبو الهيثم الكوفي (٣).

قال: ولَّاني أبو يوسفَ القضاءَ على جَبُّلَ -وهي قريةٌ بين بغدادَ وواسِط- وبلغني أن الرشيدَ منحدرٌ إلى البصرة، فسألت أهل جَبُّل أن يُثنوا عليَّ عند أميرِ المؤمنين، فوعدوني أن يفعلوا ذلك إذا انحدر، فلمَّا قَرُب منا سألتهم الحُضور، فلم يفعلوا وتفرَّقوا، فلمَّا آيسوني من أنفسهم سرَّحتُ لحيتي، وخرجت فوقفت له، فوافى وأبو يوسفَ معه في الحَرَّاقة، فقلت: يا أميرَ المؤمنين، نِعمَ القاضي قاضي جَبُّل، قد عدل فينا، وفعل وصنع، وجعلت أُثني على نفسي، ورآني أبو يوسف، فطأطأ رأسَه وضحك، فقال له الرشيد: ممَّ ضحكت؟ فقال: إنَّ المُثني على القاضي هو القاضي، فضحك هارونُ حتى فَحَص برجليه، وقال: شيخٌ سخيف سَفِلة فاعزله. فعزلني، فلمَّا رجع جعلت أختلف إليه وأسأله أن يولِّيني قضاءَ ناحيةٍ أخرى، فلم يفعل، فحدَّثت


(١) في (ب): رشيد بن سعيد بن السطح، وهذا تخليط من الناسخ، وفي (خ): رشد، والمثبت من تهذيب الكمال والمنتظم.
(٢) في حلية الأولياء ٨/ ٣٢٤: قرأ عبد الله بن وهب. وما بين حاصرتين من (ب).
(٣) تاريخ بغداد ١١/ ٥٠٩، والمنتظم ١٠/ ٤١، وتاريخ الإِسلام ٤/ ٩٠٧، وهذه الترجمة وتاليتها ليست في (ب).