للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو كان جسمك متروكًا بهيئتِهِ … بعد التَّلافِ طمِعْنا في تلافيهِ

كالدَّنِّ عُطِّلَ من راحٍ تكونُ بهِ … ولم يُحطَّمْ فعادَتْ مرَّةً فيهِ

لكنَّهُ صارَ أجزاءً مُقسَّمةً … ثم استمرَّ هباءً في سوافيهِ (١)

وذاكَ في هذه الدنيا ويبعثُهُ … يومَ القيامةِ مُخفيهِ وخافيهِ

[وفيها توفِّي]

إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد (٢)

أبو عثمان، الصابوني، النيسابوري، الحافظ، الواعظ، المفسِّر، طاف الدنيا في طلب الحديث، وسمع بهَرَاة وخراسان ونيسابور وما وراء النهر والعراق والشام والحجاز [واليمن] والهند وطبرستان وغزنة وغيرها، ووعظ بنيسابور وله سبع سنين، ولد سنة ثلاث وسبعين وثلاث مئة، [وله الكلام المليح. قال: وقدم الشام حاجًّا في سنة اثنين وثلاثين وأربع مئة، وحدَّث بدمشق ووعظ بها]، ومن شعره: [من الطويل]

إذا لم أُصِبْ [أموالكُمْ] (٣) ونوالكُمْ … ولم آمُلِ المعروفَ منكُمْ ولا البِرَّا

وكنتُمْ عبيدًا للذي أنا عبدُهُ … فمِنْ أجلِ ماذا أُتْعِبُ البدَنَ الحُرَّا

وقال أيضًا: [من البسيط]

ما لي أرى الدَّهرَ لا يسخو بذي كَرَمٍ … ولا يجودُ بمعوانٍ ومِفْضالِ

ولا أرى أحدًا في الناس مشتريًا … حسنَ الثناءِ بإنعامٍ وإفضالِ

صاروا سواسيةً في لومهِمْ شرعًا … كأنَّما نسجوا فيه بمنوالِ

ذكر سبب وفاته:

[حكى أبو الحسين الفاسي قال]: وقع وباء عظيم بنيسابور، فصعد المنبر، واجتمع الناس، ودعا، فورد كتاب من بخارى يذكر فيه أن رجلًا تقدَّم إلى خباز يشتري منه خبزًا، فدفع إليه درهمًا والخباز بخبز، فمات الخبازُ، وصاحبُ الدكان والمشتري في ساعة واحدة، فلمَّا قرأ الكتاب هاله ذلك، ثم أمر القارئ فقرأ: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ


(١) لزوم ما لا يلزم ٣/ ١٦٩٧ دون البيت الأخير، والسَّوافي: الرياح تسفي الغبار.
(٢) تاريخ بغداد ٨/ ١٠٨، وتاريخ دمشق ٩/ ٥، والمنتظم ١٦/ ٢٧ - ٢٨.
(٣) ما بين حاصرتين من (ف) وتاريخ دمشق ٩/ ٥.