للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة السابعة والعشرون وأربع مئة]

فيها في المُحرَّم ظهر بالعراق جرادٌ أسود لم يُعهد قبلَ ذلك.

وفيها قبضَ جلالُ الدولة على الوزير أبي القاسم بن ماكولا، وحبسه في دار المملكة، فشغَبَ الغِلْمان بسببه، فنقله إلى دار المرتضى، ثم نقله إلى دار المملكة، فمرض مرضًا وقع الإياس منه، فرُوسِلَ الخليفةُ في معنى أخيه قاضي القضاة أبي عبد الله بن ماكولا، وقيل: هو يعرف أمواله، فدافع الخليفةُ عنه، فعزم الأتراكُ إمَّا على تسليمه وإلَّا خرقوا خرقًا لا يُتلافى، فخرج جواب الخليفة أنَّه لم يبْقَ من أمرنا إلَّا هذا الناموس في حراسة مَنْ عندنا، وهذا القاضي لم يتصرَّفْ تصرُّفًا سلطانيًّا تلزمه فيه تبِعة، فزاد الشغَبُ، فكتب الخليفة إلى حاجب الحُجَّاب يقول: قد زاد الأمر في اطِّراح مُراقبتنا، وإسقاط حِشْمتِنا، والأَولى أن نُغلِقَ بابَنا، ونُدبِّر أمورنا بما نحرس به جاهنا. فأمسك عن المراجعة (١).

وفي يوم السبت الرابع من جُمادى الأولى شغَبَ الغِلمانُ شغبًا عظيمًا، وأخرجوا الخِيَم إلى باب الأزَجِ، ومن الجانب الغربي إلى النَّجمي، ثمَّ اتَّفقوا على أن يكونوا يدًا واحدةً، فعبر مَنْ كان بالنَّجمي إلى الجانب الشرقي، وأشاعوا المسير إلى الأهواز، وأنَّ أبا كاليجار كاتبَهم وبعث إليهم با لأموال، فبعث الملك المرتضى ونظامَ الحضرتين والماورديَّ إلى الإسْفَهسلارية والحُجَّاب فقالوا: أنفذنا الملِكُ إليكم لنتعرَّف أخبارَكم البارحةَ في المطر والريح، وقد اشتغل قلبُه بمفارقتكم منازِلَكم. قالوا: وأيُّ شيء قال: قالوا: هذه الجملة لا غيرُ موجودة. قالوا: انصرفوا في دَعَةِ الله. وعَزَّ عليهم ذلك، وقالوا: هذه لهوٌ وسُخريةٌ بنا. ثم نفروا نفرة قويةً، وقالوا: ما بقي بعد هذا بقيةٌ. فراسلوه: اخرُجْ من بيننا، فقد بالغتَ في هلاكنا، وأعطيتَ إقطاعنا لغيرِنا، وهذا البلدُ ما يحمِلُكَ وإيَّانا. فأبطأَ عليهم الجوابُ، فركبوا بأجمعهم، وأحدقوا بداره، وقالوا للحاجب: نريد المَلِكَ يقف على الرَّوشَنِ يُكلِّمنا، فأخبره، فخرج ووقف على


(١) الخبر في المنتظم ١٥/ ٢٥٣ - ٢٥٤.