للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكرُ وفاته:

بلغ المهديَّ أنَّه هجاه، وشهد قومٌ عليه بالزندقة، فأمر المهديُّ بضربه، فضُرب ضربَ المتلف، فمات وقد بلغ نيِّفًا وتسعين سنة. وقيل: سعى به يعقوبُ بن داودَ إلى المهديِّ وقد هجا أخاه صالحًا لَما ولَّاه المهديُّ البَطِيحةَ والأهوار فقال: [من الطَّويل]

همُ حملوا فوق المنابرِ صالحًا … أَخاك فضجَّت من أخيك المنابرُ (١)

وبلغ يعقوب، فدخل على المهديِّ فقال: إنَّ هذا الأعمى الزنديقَ قد هجاك، فقال: وما الذي قال: فقال: أَوَ تُعفيني؟ فقال: لا بدّ، فقال: قال: [من السريع]

خليفةٌ يزني بعمَّاته … يلعب بالدُّفِّ وبالصَّولجانْ

أَبدلنا اللهُ به غيرَه … ودسَّ موسى في حِرِ (٢) الخَيزُرانْ

وكان بشارٌ لما استولى يعقوبُ على المهديِّ وولَّى الزيديةَ نفائسَ الأعمالِ هجاه فقال: [من البسيط]

بني أُميةَ هبُّوا طال نومكمُ (٣) … إنَّ الخليفةَ يعقوبُ بنُ داودِ

ضاعت خلافتكمْ يَا قومُ فاطَّلبوا … خليفةَ الله بين النارِ والعُودِ

فقال المهدي: عليَّ به. فخاف يعقوبُ أن يَقدَمَ على المهديِّ فيمدحَه فيعفوَ عنه، وكان بشارٌ بالبَطِيحة، وقيل: بالبصرة، فأرسل يعقوبُ غِلمانًا ليُحضروه إلى المهديِّ وقال لهم: غرِّقوه في الخرَّارة بالبَطِيحة.

وقيل: إن المهديَّ قتله ودفنه على حمَّاد عَجْرد على تلّ. فإن صحَّت هذه الرواياتُ فقد تقدَّمت وفاتُه؛ لأن المهديَّ نكب يعقوبَ في سنة ستٍّ وستِّين ومئة، وعلى قول مَن يقول: إنه دُفن على قبر عَجْرد، فقد تأخَّرت وفاته؛ لأنَّ عَجْردًا هلك سنةَ ثمانٍ وستِّين ومئة، والله أعلم.

الحسنُ بن صالحِ بن حَيّ

أبو عبدِ الله الكُوفيّ، من الطَّبقة السادسة. كان ناسكًا عابدًا فقيهًا وَرِعًا، كان يسمَّى


(١) الديوان ٢/ ٤٠٤ (ملحقات قافية الراء).
(٢) الحِر: فرج المرأة. والبيتان في الديوان ٢/ ٥٣٤.
(٣) رواية الديوان ٢/ ١٥٥: يَا أيها النَّاس قد ضاعت خلافتكم.