للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وأنشدني إياها الأمين الحلبي] (١) وبات النَّاس على عَزْمِ القتال، وأوقد الفرنج حول الطور النِّيران، فلما كان وقتُ السَّحَر يوم الخميس سادس رمضان رحلوا طالبين عكا، وجاء المُعَظَّم، فصَعِدَ الطُّور، وبكى على بدر الدين بن أبي القاسم وابن المَرْزُبان، ومَنْ قُتِلَ، وأطلقَ المال والخِلَعَ، وطيَّب قلوبَ النَّاس، ثم اتَّفق العادلُ والمعظم على خراب الطُّور في السنة الآتية، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

وفيها وصل الفرنج جزِّين؛ ضيعة قريبة من مَشْغَرى، ولما عادوا من الطُّور، فقصد ابن أُخت الهنكر صيدا وقال: لا بُدَّ لي من أهل هذا الجبل. فنهاه صاحبُ صيدا، وقال: هؤلاء رماة، وبلدهم وَعْرٌ. فلم يقبل، وصَعِدَ في خمس مئة من أبطال الفرنج إلى جزّين ضيعة الميادنة، فأخلاها أهلُها، وجاء الفرنج، فنزلوا بها، وترجَّلوا عن خيولهم ليستريحوا، فتحدَّرَتْ عليهم الميادنة من الجبال، فأخذوا خيلهم، وقتلوا عامَّتهم، وأسروا ابنَ أُخت الهنكر، وهرب مَنْ بقي منهم نحو صيدا، وكان معهم رجلٌ يقال له الجاموس من المُسْلمين قد أسروه، فقال لهم: أنا أعرف إلى صيدا طريقًا سهلًا أوصلكم إليها. قالوا: إنْ فعلتَ أغنيناك. فسَلَكَ بهم أوديةً وعرة، والمسلمون خلفهم يقتلون ويأسرون، ففهموا أَنَّ الجاموس غَزَهم فقتلوه، ولم يُفْلت إلى صيدا سوى ثلاثة أنفس بعد أن كانوا خمس مئة، وجاؤوا إلى دمشق بالأسارى، وكان يومًا عظيمًا.

وحجَّ بالنَّاسِ من العراق ابنُ أبي فراس (٢).

وفيها توفي

إبراهيم بن عبد الواحد (٣)

ابن علي بن سرور، أبو إسحاق، الشيخ العماد المقدسي، [أخو الحافظ عبد الغني، الزاهد العابد الورع] (١) الحَنْبَلي.


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) عقب هذا ستأتي في (ش) ترجمة بهاء الدين أحمد بن أبي الفضائل الميهني، وستأتي في (ح) عقب ترجمة العماد المقدسي.
(٣) له ترجمة "التكملة" للمنذري: ٢/ ٤١٣ - ٤١٤، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٢٨٧ - ٢٩١، وفيه تتمة مصادر ترجمته.