للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الحادية والثمانون بعد المئتين]

فيها دخل طُغْج بن جُفّ صاحب خُمارويه من ناحية طَرَسوس لغزو الرُّوم، فبلغ طرابلون (١)، وفتح مَلُورية في جمادى الآخرة.

وفيها غارت المياه بالرّيِّ وطَبَرِسْتان، فكان يُباع الماء ثلاثة أرطال بدرهم (٢)، فغلت الأسعار، وقُحِط النَّاس، وأكل بعضهم بعضًا، وأكل إنسان ابنته.

ولليلتين خلتا من رجب شخص المعتضدُ إلى الجبل ناحية الدِّينوَر، وقلَّد ابنَه أبا محمد عليًّا الرّيَّ، وقَزْوين، وزَنجان، وأَبْهَر، والدِّينَور، وقلَّد كَتَبَتَه أحمدَ بنَ أبي الأصبغ (٣)، ونفقاتِ عسكره والضّياعَ بالرَّيِّ الحسينَ بنَ عمرو الصّزاني (٤)، وقلَّد عمر بن عبد العزيز بن أبي دُلف أصبهان، ونَهاوند، والكَرْخ، وتعجّل الانصرافَ من غلاء الأسعار وقلَّة المِيرة، فوافى بغداد يوم الأربعاء لثلاثٍ خلون من رمضان.

ولستِّ ليالٍ بقين من ذي القعدة خرج المعتضد الخَرْجة الثانية إلى الموصل عامدًا لحَمْدان بن حَمدون بن الحارث بن منصور بن لُقمان، وهو جدُّ ناصر الدَّولة، وكان قد بلغ المعتضدَ أنَّه يميل إلى هارون الشَّاري الخارجي، وأنَّه دعا له.

وكانت الأعراب والأكراد قد اجتمعوا لمَّا بلغهم خروجُ المعتضد، وتحالفوا أنَّهم يُقتلون على دمٍ واحد، فالتقَوا على الزاب، وعبَّؤوا عسكرهم ثلاثة كَراديس (٥)، وجعلوا عيالهم وأولادهم وأثقالهم خلفهم، فحمل عليهم المعتضد، ففرَّق شملَهم، فكان مَن غرق أكثر ممَّن قُتل.


(١) في تاريخ الطبري ١٠/ ٣٦: طرايون، وفي الكامل ٧/ ٤٦٧: طرابزون.
(٢) في (خ): ثلث رطل بدرهم. والمثبت من الكامل ٧/ ٤٦٥، وتاريخ الإسلام ٦/ ٦٤٩، وانظر المنتظم ١٢/ ٣٣٩.
(٣) في (خ): أحمد بن أبي الصفر. والمثبت من المصادر.
(٤) في (خ): النصراني. والمثبت من تاريخ الطبري ١٠/ ٣٦، وانظر المنتظم ١٢/ ٣٣٩.
(٥) الكراديس: جمع كردوس؛ وهي الخيل العظيمة، وقيل: القطعة من الخيل العظيمة، والكراديس: الفِرَقُ منهم.