أحدها: لعدم صحَّة النقل، فإنَّ أحدًا لم يوافقه على هذا.
والثاني: لأنَّ الجنَّة مُطهَّرة عن الحبل والولادة.
والثالث: لأنَّه لم يذكر قابيل في الهبوط معهم.
والرابع: لاتِّفاق أهل السِّير على أنها حملت به في الدنيا؛ وقد نصَّ عليه الواقدي فقال: أوَّل ولد ولدته في الدنيا قابيل.
وزعمت المجوس أنَّ آدم لم يخالف في النكاح بين البطنين، وأنَّ صلاحَ الحالِ في تزويج الرجلِ بأخته والأم بولدها، وسنذكر عقائدهم في موضعه إن شاء الله تعالى.
والأصحُّ خلاف ما زعموا، لإجماع الأمَّة على أنَّ آدم كان ينكح ولده أيَّ أخواته شاء، إلَّا التي ولدت معه فإنَّه لا تحلُّ له، احتياطًا منه في الفروج، ونظرًا لذوات المحارم، ومراعاة للنسل، فإنه كان قليلًا، وما فعل ذلك إلَّا لضرورة عدمه، فلما كثروا حَرُم ذلك.
[فصل ومن الحوادث في أيام آدم ﵇ قتل قابيل هابيل]
قال الله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيهِمْ نَبَأَ ابْنَي آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا﴾ [المائدة: ٢٧] النبأ: الخبر، وابنا آدم هما هابيل وقابيل في قول عامَّة العلماء وابن عمر وابن عباس ومجاهد وقتادة. والقربان: فُعْلان من القربة.
وسبب القصَّة ما حكاه السُّديُّ عن أشياخه، ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وعطاء وغيرهم عن ابن عباس، قالوا: كانت حوَّاء تلِد لآدم توأمًا، في كل بطن غلام وجارية، إلا شيث فإنها ولدته مفردًا، وكان جميع ما ولدته حوَّاء أربعين ما بين ذكر وأنثى في عشرين بطنًا، ثم بارك الله في نسل آدم، فلمَّا كان بعد مئة سنة من هبوطه إلى الدنيا ولدت له قابيل وتوأمته إقليما، ثم هابيل وتوأمته، وكان آدم إذا شبَّ الغلام زوَّجه جارية البطن الآخر، وزوَّج جارية هذا البطن غُلامَ البطن الآخر، وكان الغلام يتزوَّج أيَّ أخواتِه شاء إلا توأمته التي وُلِدت معه، فإنَّها لا تحلُّ له، وذلك لأنه لم يكن لهم نساء