للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاش سبعين سنةً، ولما احتُضر قال: واللهِ ما حللتُ إزاري على حرام قطّ.

وقال الهيثم: رأى امرأةً في الطواف فكلَّمها فلم تكلّمه، وكان معها زوجُها، فقال:

اللهُ بيني وبين قَيِّمِها … يَفِرُّ منَي بها وأتَّبِعُهْ

فقالت المرأة: بل اللهُ بين قيِّمها وبينك، فقيل للمرأة: اشكوه إلى زوجك. فقالت: لا والله، لا أشكوه إلَّا إلى الله في مثل هذا المقام، اللهم اجْعَلْه طعامًا للريح. فركب يومًا فرسًا، فدخلت الريح في ثيابه، فسقطَ ميِّتًا (١).

ذُو الرُّمَّة الشَّاعر

كنيتُه أبو الحارث (٢)، واسمُه غَيلان بن عُقبة بن بُهَيش بن مسعود بن حارثة بن عمرو بن ربيعة بن ساعدة بن كعب العَدَويّ.

وهو من الطَّبقة الثَّانية من شعراء الإِسلام، وكان يُشَبِّبُ بمَيّ بنت طَلَبَة (٣) بن عاصم المِنْقَريّ، ثم بخَرْقَاء بنت عامر بن ربيعة.

وكان سببُ ذلك أنَّه مرَّ في بعض أسفاره بحيِّ خَرْقَاء، فرآها قد خرجت من الخِباء، فوقعَتْ في قلبه، فخَرَّقَ إداوتَه (٤) استطعامًا لكلامها، ثم قال لها: إنِّي رجلٌ على سفر وقد تخرَّقَتْ إداوتي، فأصلحيها. فقالت: أما علمتَ أني خَرْقاء. والخَرْقاءُ لا تُحسنُ العملَ لكرامتها على أهلها (٥).

وكانت الخَرْقاء تقعد للنَّاس في طريق مكة، فإذا قفلُوا تقول لهم: أنا أحدُ مناسِكِكُم، فإذا قالوا: وكيف؟ تقول: أنا صاحبةُ ذي الرُّمَّة التي يقول فيها:


(١) لم أقف على هذا السياق. وفي خبر بنحوه في "المنتظم" ٦/ ٣١٦ نُسب فيه البيت للأحوص. وينظر "أنساب الأشراف" ٣/ ٥٣ (ترجمة عبد الله بن عباس) ونُسب فيه البيت أَيضًا للأحوص.
(٢) أورده المصنف في وفيات هذه السنة تبعًا لابن الجوزي في "المنتظم" ٧/ ٧٢. وجاء في باقي المصادر أنَّه تُوفِّي سنة (١١٧).
(٣) في (خ) (والكلام منها) و"المنتظم" ٧/ ٧٢: طلحة، والمثبت من"الأغاني" ١٨/ ٢٥، و"تاريخ دمشق" ١٤/ ١٧١ (مصورة دار البشير)، وكذا هي في "مختصره" ٢٠/ ٢٣٣. وينظر "الشعر والشعراء" ١/ ٥٢٦.
(٤) الإداوة: إناء صغير يُحمل فيه الماء.
(٥) الشعر والشعراء ١/ ٥٢٧، وتاريخ دمشق ١٤/ ١٧٢ (مصورة دار البشير)، والمنتظم ٧/ ٧٣.