مروان وذخائرهم، فإن أطلقتَه ربما مضى إلى السلطان وأخبره بما وصل إليك. فبعث إلى ياقوت الخادم وابن الأزرقِ يأمرهما بقتله، فقال ابن الأزرق للخادم: هذا رجل كبير القدر، وربما عزل ابنَ جَهير من البلاد فلا تقتُلْه. قال: وكيف أعمل؟ قال: أظهِرْ موته وأخْفِه. فقال الخادم لابن الأنباري: تمارَضْ أيامًا. ففعل وعاده النَّاس والأطباء، ثم أظهر موته، وأخرج جنازةً وصلَّى عليها النَّاس، وكتب إلى ابن جَهير بذلك، وأثبت موتَه على القاضي، ثم ظهر ابنُ الأنباري بعد مفارقة ابن جَهير البلاد، ولم يأخذ أحد من الوزراء من الأموال والجواهر ما رأى ابن جَهير من بلاد بني مروان، ولم تزل الأقدار تتقلب به حتَّى عاد إلى الموصل فمات بها.
وكان قد سأل السلطان لمَّا رأى تغيُّره عليه أن يأذن له في المقام بالموصل، فأذِن له، فمرض في رجب، وتُوفِّي، فحمل أمراءُ بني عقيل جنازته إلى تلِّ توبة شرقي الموصل، فدُفِنَ به.
[السنة الرابعة والثمانون وأربع مئة]
فيها في صفر كتب الوزير أبو شجاع إلى الخليفة يُعرِّفه باستطالة أهل الذمة على المسلمين، وأنَّ الواجبَ تمييزُهم عنهم، فأمره الخليفة أن يفعل ما يراه، فألزمهم لبس الغيار والزنانير، وتعليق الدراهم الرصاص في أعناقهم، مكتوب على الدراهم: ذمِّي، وتُجعل هذه الدراهم في حلوق نسائهم في الحمامات ليُعرَفْنَ بها، وأن يلبسنَ الخفاف فردةً سوداءَ وفردةً حمراء، وخلخالًا في أرجلهن، فذلُّوا وانقمعوا، وأَسْلَمَ حينئذٍ أبو سعد بن الموصلايا كاتبُ الإنشاء للخليفة، وابنُ أخيه أبو نصر هبةُ الله، وسأل أن يكون ذلك بحضرة الخليفة، فأُجيب إلى ذلك.
وفي جمادى الأولى قدم أبو حامد الطُّوسي الغزالي بغداد مدرسًا بالنظامية ومعه توقيع نظام الملك (١).